في الوقت الذي كان يترقب فيه الشارع السوري حدوث نقلة نوعية في أداء وآليات عمل الجهات المعنية ولاسيما لجهة ابتكار الحلول لسلسلة طويلة من الأزمات الحياتية والمعيشية ووضع الناس بكل صراحة وشفافية بصورة المبررات والأسباب الموجبة لاعتماد قرارات وتوجهات هامة ذات أثر اقتصادي واجتماعي، يفاجأ المواطن بالفعل بقائمة من القرارات الصادرة في الأيام الأخيرة التي أخذت ربما بجانب من تلك المطالب الشعبية لا بل فاقت كل توقعاتنا بالمكاشفة ووضّحت للناس مثلاً أن استمرار توفر دوائهم في السوق مرهون بزيادة أسعارها، وهي تعلم حد العلم أن الزيادة تنفذ من قبل المنتجين والصيادلة وأصحاب المستودعات قبل إعلانها زيادة نسبة الـ30 % على مئات الأصناف الدوائية وتجاوزتها بالضعف لأدوية توجد على رفوف الصيدليات منذ أشهر، والأهم أن المواطن الذي بات طبيعياً بالنسبة له غياب مواد كانت من أساسيات مائدته ونسيها لا يمكن له الاستغناء عن الدواء، فصحته وبالتالي حياته هنا على المحك وتحت الخطر، يعني بالعربي الفصيح سيخضع لابتزاز غير مسبوق.
نعم لقد وصلنا لهذه المرحلة من العجز وضيق الأفق الممارس من الجهات التنفيذية تجاه غالبية الملفات والمواضيع المرتبطة بحياة الناس واحتياجاتهم وصولاً لوضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما وكأن كل ما يتيحه علم الإدارة من أفكار ومقترحات وحلول قابلة للتنفيذ على الأرض قدمت ولا تزال من مختصين بالشأن الاقتصادي وأكاديميين وحتى الشارع السوري لم يصل لأصحاب القرار للاستعانة به لتجاوز مشاكلنا وبقي التفرد والتغريد خارج سرب المنطق هو سيد الموقف حتى الآن بالنسبة لغالبية الملفات.
ما يؤكد أن لا شيء مستحيل أو يمكن حله وتتوفر له خيارات كثيرة ولكنها بحاجة لمن يتلقفها في الوقت المناسب والشكل الصحيح وبما يخدم الناس ما حصل مؤخراً من تنسيق وتواصل على مدار الساعة بين وزارتي الزراعة والاقتصاد والمصدرين وصولاً لتدخل رئيس مجلس الوزراء لمعالجة عرقلة توقف عدد من برادات الخضار والفواكه المصدرة عبر معبر نصيب لدول الخليج وهو ما تم تجاوزه وحله بسرعة كبيرة، فليس أقله أن تنقل هذه الحالة الصحية لمعالجة القضايا والمشاكل المتعلقة بحياة الناس وهي إن تمت فعلاً لكنا بوضع مؤكد أفضل مما نحن فيه حالياً.
الكنز – هناء ديب