تصر الإدارات الأميركية على تفخيخ المشهد العالمي بديناميت العربدة والتطاول على القانون الدولي والتدخل السافر في شؤون الدول، فتارة تغزو الدول وتفتعل أزمات وتؤجج حرائق ارهابية، وتارة أخرى تستبيح حقوق الآخرين وتمعن بالانتهاكات وتسييس القضايا الإنسانية لتتسلل من خلالها لتنفيذ أجنداتها التخريبية، وكل ذلك مرده تورم بالعنجهية المرضية، والرغبة بتوسيع النفوذ الاستعماري ومصادرة القرارات السيادية للدول، والتي لم تتحرر من عقلية الهيمنة جميع الإدارات المتعاقبة سواء كانت جمهورية ام ديمقراطية، فاختلاف الأحزاب الأميركية لم يعنِ يوماً تغييراً في النهج، وإن تباينت الطرق وتنوعت الأساليب المعتمدة للاستئثار بالهيمنة ومحاولة فرض الإملاءات على كل دول العالم.
ملامح تعاطي إدارة جو بايدن باتت جلية وواضحة، سواء مع الملفات العالمية أم مع ملفات منطقتنا، فزيادة العربدة العدوانية في الجزيرة السورية وتعطيش أهلنا بالحسكة بشكل متواتر عبر انتهاكات صارخة يمارسها حليف إرهابها التركي، والإمعان في ممارسة طقوس اللصوصية ونهب المقدرات والثروات السورية الذي لم يتوقف في عهد بايدن، وإشهار سيف الحجب الإعلامي على قنوات محور المقاومة لإسكات صوت الحق، ومحاولة التعتيم على الممارسات الأميركية والصهيونية الإرهابية في منطقتنا، بشكل يخالف معايير حرية التعبير والرأي التي تدعي واشنطن أنها مكفولة ومصانة، كل ذلك جزء بسيط مما هو مدرج في أجندات إدارة بايدن التي تخط إحداثياتها وبنودها العدوانية (اسرائيل) وتنفذها واشنطن و بيادق إرهابها من ميليشيا انفصال عميلة ونظام تركي موغل في الانتهازية العدوانية.
ترسم إدارة بايدن بأقلام الأخطاء القاتلة إياها الخطوط البيانية لمنحدرات إقصائها عن دور أساسي وفعال في الكثير من المشاهد العالمية لجنوحها عن سكة الصواب وانحرافها عن جادة إحقاق الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية، ولضلوعها بافتعال الكثير من الأزمات الدولية وتأجيجها، ناهيك عن اعتمادها البلطجة نهجاً في دول منطقتنا، فهي أي واشنطن بإقفالها أبواب العقل عن استيعاب التغيرات الدولية الحاصلة التي تدلل بوضوح إلى أن أميركا ليست قطباً أحادياً سيبقى جاثماً على أنفاس العالم، فثمة أقطاب أخرى كروسيا والصين صعدت بقوة واتزان كابحة للتمادي والتسلط وعدم احترام رغبة وسيادة الدول، وستتمكن من نزع صواعق الهيمنة الأميركية.
حتى اللحظة الراهنة لا يلوح في الأفق ما يرجح إن إدارة بايدن عازمة على إعادة العربة الأميركية إلى سكة الصواب القانوني، ولا بوادر ظاهرة تشي بأن هناك مساعٍ جدية لديها لكبح جماح تعدياتها الممتدة على اتساع الخريطة الدولية، بل هي ماضية بكل غلو لتعقيد ملفات منطقتنا وخاصة الملف السوري، والتلطي تحت قش المساعدات الإنسانية عبر معابر يسيطر عليها الإرهابيون في الشمال لمدهم بسبل إجرامهم، لتستثمر في الفوضى الإرهابية التي صنعتها حتى آخر رمق إرهابي على الأرض السورية ، رغم إدراكها غير المعلن بأن النهايات محتومة بزوال احتلالها واندحار إرهابييها.
ما تم انجازه في الاتفاق النووي الإيراني ليس نتيجة ليونة ومرونة في الموقف الأميركي حدثت فجأة، بل مرده قوة وثبات الجمهورية الإسلامية وتمسكها بحقوقها المشروعة ورفض الإملاءات الأميركية، الأمر الذي يرغم واشنطن مذعنة على الامتثال لبنود الاتفاق ورفع العقوبات المفروضة كشرط أساسي وخيار مبدئي للعودة للاتفاق لم تتخل عنه طهران على مدار جولات التفاوض في فيينا.
على واشنطن أن تعي أن عهد عنجهيتها ولى، ومنطق القوة والعربدة والتهديد والوعيد لم يعد مفعوله سارياً في ظل تنامي الرفض العالمي لسياسة البلطجة الأميركية، وأن إشعالها حرائق إرهابية في الجزيرة السورية للاصطياد في عكر تبعاتها سرقة ونهباِ لن يسلم منها جنودها المحتلون، وعلى إدارة بايدن إعادة حساباتها السياسية والميدانية واستيعاب دروس الميدان وفهم مغزى رسائل المقاومة الشعبية، وإدراك أن رهاناتها على إطالة أمد الحرب الإرهابية خاسرة، فالخواتيم لفصول إرهابها على الجغرافيا السورية ستخطها قريباً السواعد السورية.
حدث وتعليق – لميس عودة