الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
من لا يفهم ذاته، ولا ينصتُ لأيّ صوتٍ من الأصواتِ العذبة في أعماقه، لا يمكن أن يفهم الحياة، ولا أن يستمتع بأناشيدها، وسواء المُفرحة التي لا يمكن أن تطربه، أم حتى المحزنة التي قد تتساوى لديه، مع كلّ الأصواتِ التي تستفزّه وتوتّره…
لا يحتاج الأمر هنا، إلا إلى ضوءِ روحٍ، هو الكاشف الرائي.. كلّما تأمّلتَ في أناكَ أكثر، مكّنكَ من تسليط إدراككَ على كلّ مفردةٍ من مفرداتك، التي تتألق به وترتقي..
لن تراها دون سطوعه، ولن تعيها إن لم تشحنهُ بحكمةٍ تساعدكَ مدى تأمُّلكَ، على رؤيةِ الحياة وما فيها وحولها، بعينٍ تستعذبُ الجمال وتسعى دوماً لبلوغه..
يُريكَ ما لاتراه، في خضمّ ظلامٍ خانقٍ ويُعيق، سبيلكَ إلى إخمادِ قلقك وغضبك، وكلّ ما يجعل منك إنساناً يغفو في اللاجدوى، مستسلماً لغيبوبةِ الضجر التي لا تفيق.
تتبّعه.. تتبّع منبع هذا الضوء، وأثره على كلّ أنحائك.. أشكرهُ بحبٍّ، تجده يمدّك باللحظات الساطعة، فيصيّرك بشريّاً لا منسيّاً، في إنسانيّتك ومواقفكَ وأخلاقك..
زوّده بالرحابة، يهبك الدّعة والأفكار الراقية والجذابة.. تصبّر به آمناً مطمئنّاً، يصبّر بك ما حولك، فترتقي حبّاً وسلاماً وعدلاً..
هذا أنت، وهذا النّور منك.. لا تهملهُ ولا تشيح عنه، تسلّح به فلا تدع شيئاً يهزمك.. دع قلبكَ حاضراً إلى جانبه، ينبض وإياه بحبٍّ تمتلئ به، فينبعث من داخلك..
نعم.. هذا أنت، فهل تيقّنتّ؟.. بأن عليك أن تسعى لأن تكون، الأثر الذي يضيءُ بتأمّلهِ العميق.. يضيءُ دواخله، وحياته التي تسري منه إليه فلا تتوه، إن كان مُرشدها روحٌ تُلهمه.
هذا أنت وأنا:
«لم آتِ لأعطيك شيئاً جديداً، لقد أتيتُ لأخرج جمالاً لم تكن تعرف أنه موجودٌ فيك».
أبصرهُ يبصرك، وليكن رأيك:
«أينما كان النور كنت، وأينما كانت الزهرة فأنا الفراشة، وأينما كان الجمال فأنا العاشق، وأينما كانت الحكمة، فهي ضالّتي»..
إنه رأي شاعرٍ يُشهد بحكمته وضوء كلمته.. «جلال الدين الرومي».. حتماً هو رأي سواه، ممن استرشدوا بأضواءِ أرواحهم، فأناروا بعد أن استناروا….
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء29-6-2021
رقم العدد :1052