وضعت الحكومات في عصرنا الحاضر كل ما أفرزته التكنولوجيا الحديثة من وسائل في خدمة المواطن تسهيلاً لمعاملاته وتوفيراً لوقته وتحقيق أقصى ما يمكن من أسباب الراحة له، بما ينعكس عليها بالتالي تقليلاً من الهدر في الموارد وزيادة في الإنتاج.
سعياً لهذا الهدف كان الاهتمام بإحداث مراكز خدمة المواطن في مختلف محافظات القطر خلال السنوات الماضية، والعمل على أتمتة الورقيات وتوفير بنوك للمعلومات ساهمت في إنجاز الآلاف من المعاملات في اليوم الواحد من خلال«النافذة الواحدة»، والتي يجري من خلالها تقديم مئات الخدمات للمواطنين.
على النقيض من ذلك لا تزال بعض الدوائر الحكومية تبدو في طريقة تقديمها لخدماتها بعيدة كل البعد عن الأساليب الحضارية، حيث يتكدس وراء نوافذها عشرات المواطنين بعشوائية مطلقة ليحصلوا على مرادهم من دون أدنى انتظام في الصفوف، وفي غياب أي معلومات إرشادية تسهل عليهم تسيير معاملاتهم، ما يضطر بعضهم أحياناً إلى الوقوف ساعات طويلة في انتظار أن يحظى فقط بفرصة لسؤال الموظف المعني ما إذا كان قصد الوجهة الصحيحة أم لا.
هذه الظاهرة لا تتعلق بنقص في الموظفين أو عدم توافر الأماكن الملائمة لتقديم الخدمات بالشكل اللائق، بقدر ما تعبر عن عدم اكتراث بالمواطن أو محاولة كسب رضاه وتوفير الراحة له، فأبسط ما يمكن إجراؤه في هذه الحالة تنظيم الصفوف ووضع اللوحات الإرشادية التي تدله على ما يجب عليه عمله، وهو ليس بالأمر العسير.
إذا لم يكن توفير بعض الخدمات متاحاً إلى الآن لسبب أو لآخر من خلال مراكز خدمة المواطن، فإن تحسين شروط تقديمها بما يتوافق مع أبسط الأساليب الحضارية وبما يخفف عن المواطن معاناة الانتظار الطويل لإنجاز معاملاته وهدر الكثير من وقته وماله وجهده من دون مبرر، يعد بلا شك أقل ما يمكن عمله.
حديث الناس- هنادة سمير