ليست جهوداً مبعثرة، أو مادة سهلة تعد للتسلية وقتل الوقت الفائض، بل أصبحت مادة أساسية ومشروعاً هاماً ماتقوم به المؤسسة العامة للسينما ووزارة الإعلام وأيضا شركات القطاع الخاص في إنتاجها لأفلام تنهل من معين لا ينضب وحكايات شعب رسمت الحرب له دروباً لم يتوقع أن يسير بها يوماً.
جميعنا يدرك أهمية الأفلام السينمائية في محاكاة الواقع وتوثيق أحداثه كشاهد على العصر أحياناً وفي أحيان أخرى هو يعيد إحياء تاريخ الأجداد ليكون لنا قبساً جديداً ينير ثقافة الوعي ويدعمها بشواهد كتبها الأجداد بحروف من المجد والتضحيات.
ولأن السينما تحمل في مضمونها هدفاً وحكاية وتشكّل في أدواتها وصناعتها القوة الناعمة التي تتغلغل في وجدان الشعوب وتعيد تشكيل وعيهم وتطلعاتهم، ندرك أهمية أن تكون السينما واحدة من أهم الوسائل التي يجب أن تضطلع في تقديم كلّ ما من شأنه أن ينهض بالمجتمع ووعيه، وأن تساهم في خلق جيل يدرك أبعاد المؤامرة التي يسعى أعداؤنا عبر وسائلهم القذرة أن ينالوا من بلادنا” نهباً وقتلاً وتدميراً .. “.
ومن يعود بالذاكرة إلى أرشيف السينما السورية، يدرك أهمية ما قدّمته صالات العرض من أفلام نافست على الدرجات المتقدّمة في المهرجانات العربية والدولية، ونالت مراكز تليق بتاريخها العريق، وعليه ندرك أهمية أن نعيد لها مكانتها لتكون وسيلتنا إلى أجيال اليوم، نقدّم خلالها وجبات دسمة من حكايات مستمدة من واقعهم لربطهم ببلادهم وتكريس انتمائهم لتراب بلادهم والتمسك بهويتهم، وتوجيه مشاعرهم الإيجابية نحو البناء والإعمار، وهذا بالطبع يتطلب أن تكون الأفلام متاحة لهم في حصص تخصص للعروض السينمائية الهادفة ومناقشة مضمامينها، فلطالما كانت السينما مصدراً ملهماً للتغيير نحو خير البلاد ونمائها.
واليوم إذ نشهد حراكاً لافتاً باتجاه الإنتاج السينمائي، الذي يستمد حراكه هذا من واقع يعايشه الناس، يتلمسون فيه رائحة البارود الذي أصم آذانهم، وينقل معاناتهم وماخلّفته الحرب من ويلات، فنحن نشهد في الآن نفسه حراكاً من نوع آخر يسعى إلى تجاوز الآلام والعمل بإخلاص، واجتراح قوى خارقة يتحدون فيها العالم من أجل أن يعود للبلاد ألقها وللحياة بهجتها، وسورية كما الدنيا قلب العروبة النابض وشمسها التي لا تغيب.
رؤية- فاتن دعبول