الثورة أون لاين:
الفكرة المجنونة التي ابتكرها الفرنسي ميشال بلاتيني قبل تسع سنوات والتي أراد منها أن تكون احتفالاً يليق بالذكرى الستين للبطولة القارية، نجحت حيث تحوّلت ملاعب المدن المضيفة إلى مهرجانات كروية لم تسلم من الحوادث المثيرة، إلا أن تكرارها بات في خانة المستحيلات، نظراً للمتاعب التي تكبدتها المنتخبات والجماهير الزائرة في السفر آلاف الكيلومترات بين البلاد المضيفة لحضور المباريات.
وأكد رئيس (UEFA) الحالي السلوفيني ألكسندر تشيفرين أنه لن يساند إقامة بطولة أوروبا عبر القارة مرة أخرى، وقال: لو طلبتم مشورتي، فإنني أرفض إقامة البطولة بهذا الشكل مرة أخرى، أعتقد أن التحديات كانت هائلة، ولا أعتقد أنه من الصواب أن تسافر بعض المنتخبات مسافة تزيد على 10 آلاف كيلومتر، بينما تنتقل منتخبات أخرى لمسافة ألف كيلومتر فقط، إنه أمر يفتقر إلى العدالة بالنسبة للجماهير. بعضهم كان يتعين عليه السفر إلى روما، وبعدها بيومين يجب أن يكون في باكو، في رحلة طيران تستغرق 4 ساعات ونصف الساعة. كانت فكرة مثيرة، لكن واجهنا صعوبات كبيرة في تنفيذها، أعتقد أننا لن نفعلها ثانية.
ولعبت ويلز مرتين في باكو، قبل السفر إلى روما لخوض آخر مباراة لها في المجموعة، ثم بعد ذلك توجهت إلى أمستردام لخوض دور الستة عشر، في مسار وجد انتقادات كبيرة.وعلى الرغم من أن هذا النظام الفريد لبطولة يورو 2020 حقق أعلى معدل تهديفي في المباراة الواحدة منذ نسخة عام 1976، فإنه اتصف بعدم العدالة، وأدى إلى انتقادات كبيرة بوصول 4 من الدول التسع المضيفة المشاركة إلى الدور نصف النهائي. ففي الوقت الذي لعبت فيه منتخبات إنكلترا وإيطاليا وإسبانيا والدانمارك مبارياتها الثلاث جميعها في دور المجموعات على أرضها، تحتم على أخرى السفر لمئات وآلاف الكيلومترات لخوض مبارياتها.
وتعد كأس أوروبا مصدراً مالياً مهماً للاتحاد القاري. ومنذ عام 2018، خطط (UEFA) لتوزيع 371 مليون يورو على 24 مشاركاً، وكان كل منتخب يخسر جميع مبارياته يحصّل 9,25 مليون يورو، فيما تكون حصة البطل 34 مليون يورو. لكن عائدات البطولة، لا سيما من حقوق البث التلفزيوني الغزيرة، تم توزيع 775 مليون يورو منها على 55 اتحاداً أوروبياً بين عامي 2020 و2024 تحت اسم (التضامن) جراء تفشي جائحة كورونا، فيما تتقاسم الفرق 200 مليون يورو فيما بينها.وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي (UEFA) رفع قراره المنوط بتحديد الطاقة الاستيعابية للملاعب المستضيفة للبطولة عند 30 في المائة، وهو القرار الذي كان قد اتخذه في تشرين الأول الماضي، تاركاً للسلطات المحلية تحديد السعة المحتملة، في ظل الوضعية المختلفة لكل بلد في إدارة جائحة كورونا، على أمل زيادة المداخيل، فإن تقييد بعض الدول على المشجعين الزائرين هدد فكرة الاحتفالية التي كان يدعو لها بلاتيني سابقاً.
وعلى الرغم من محاولة تطبيق نظام آمن للبطولة، يعتمد بشكل أساسي على (الفقاعات) للمنتخبات، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات للمشجعين، من خلال وصول متعاقب إلى الملعب والتطهير والتباعد، فإن تعرض قائد منتخب إسبانيا سيرجيو بوسكيتس للإصابة بفيروس كورونا، وخروجه من التشكيلة مؤقتاً ليخضع لحجر صحي، أثار القلق في بداية المنافسات بأن هناك إمكانية لأن يكون هناك لاعبون مخالطون تعرضوا للعدوى. ولجأت إسبانيا، وبعض الدول الأخرى، لتلقيح جميع لاعبيها خشية تفشي العدوى بينهم، لكن ذلك لم يمنع التوتر والقلق الذي ضرب المشاركين، في ظل السفر والتنقل الدائم عبر دول القارة. وتم اعتماد ألمانيا في أيلول 2018 لتستضيف نسخة عام 2024، ولتكون أول بطولة كبرى تنظمها منذ مونديال 2006.