قبل أيام أقامت وزارة التعليم والبحث العلمي مؤتمراً للباحثين المغتربين وبمشاركة باحثين من أساتذة جامعات وأكاديميين ،طبعاً المؤتمر يشكل خطورة متقدمة في إطار عقد اجتماع لأصحاب العقول البحثية ليتناقشوا حول آخر مبتكرات العصر، وما في جعبهم من بحوث يمكن الاستفادة منها، خاصة وأننا بأمس الحاجة لأبحاث تسهم في تطوير آلية العمل في الكثير من مؤسساتنا خاصة الإنتاجية والخدمية منها.
ونشير هنا إلى أننا أقمنا الكثير من المؤتمرات والندوات الخاصة بالبحث العلمي، لكن نتائجها كانت وضع تلك الأبحاث والندوات في الأدراج دونما أي فائدة منها، ونحن هنا نسأل : أين هذه البحوث مما نعانيه من أزمات بكل مناحي حياتنا .. ؟ ،هل وضعت حلولاً لأزمة الكهرباء التي نعانيها على سبيل المثال لا الحصر اللهم تلك الحلول التي تأتينا من الخارج وتنهك جيوبنا . ؟.
لنعترف ونقول إن واقع البحث العلمي وترديه عندنا، يرتبط بعدة جوانب بدءاً من إشكالات مرحلة التعليم العالي والبحث العلمي ،مروراً بترهل هذا التعليم، وانتهاء بالأولويات السياسية والإدراك العام لأهمية البحث العلمي ودوره في عملية التنمية، فمن الواضح أن المؤسسة العلمية منذ زمن بعيد وحتى يومنا هذا انشغلت بقضايا أخرى، وبعدت كثيراً عن قضايا التنمية بأبعادها العلمية والاقتصادية، هذا الواقع تميز بتسييس الهيئات العلمية الأمر الذي حجب عنها الحرية في وضع استراتيجيات ورسم سياسات جادة وواضحة للبحث العلمي وحرمها إمكانية توظيف طاقاتها في التنمية، ناهيك بالقيمة التي تدفعها المؤسسات المعنية كأجور لتلك البحوث التي ربما يستغرق الباحث في إنجاز بحث ما عدة شهور.
أيضاً ثقافة البحث العلمي لم تتوسع وتنتشر الفائدة منها كون البحوث التي يتم تقديمها غالباً ما يكون مقرها أدراج المعنيين بهذه المسألة على الرغم من دفع مبالغ باهظة لعقد المؤتمرات والندوات والاجتماعات للغاية إياها، ويبقى هم الباحث الجاد أن يجد بحثه النور ويصبح واقعاً، خاصة وأن البحث العلمي في جامعاتنا قام مؤخراً ليلبي عدداً من المتطلبات منها ترفيع أعضاء هيئة التدريس لمنصب الأستاذ المساعد والأستاذ، وأيضاً للحصول على الإجازة في الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراه.
ونحن نتحدث عن البحث العلمي نرى أنه أصبح واضحاً إثر الممارسات الخاطئة التي طورت حالة الترهل والتراجع العلمي فيما يخص البحوث العلمية في جامعاتنا، وأضحى جلياً ضرورة التغيير، وحتميته، والحاجة الماسة لمراجعة شاملة لقضية التعليم العالي على الرغم من إضافة البحث العلمي إليها، وجذور ترديه للانتقال خطوة نوعية تؤسس لبرنامج شامل لربط حقيقي للجامعات بمتطلبات التنمية الوطنية التي تسير باتجاهها بلدنا سورية المتجددة، وتصبح عندها كل البحوث التي يقدمها باحثون أكاديميون حقيقة واقعة يستفاد منها بدلاً من أن تبقى رهينة أدراج المعنيين إن في التعليم العالي، أم في الجامعات، أو الوزارات والمؤسسات الأخرى، عندها نكون قد وضعنا هذه المسألة على السكة الصحيحة.
حديث الناس- إسماعيل جرادات