ليس طقساً فانتازياً أو تقليداً اعتيادياً تلك المبادرات التي تقوم بها بعض المؤسسات الثقافية أو الاجتماعية في تكريمها للرموز الوطنية والثقافية ممن أثروا ميدان الوطن بالإنجازات الكبيرة، وشكلت بصمتهم علامة فارقة في سفر الإبداع والتميز، وتركت أثراً إيجابياً على صعيد تنمية وازدهار الوطن وتقدمه.
بل هي ظاهرة تحمل في مضمونها الكثير من المعاني السامية، ولا تقتصر فقط على تقديم الشكر والوفاء لتلك الإنجازات التي عملت تلك الرموز على تحقيقها، بل تمتد في معانيها لتكون ملهمة الأجيال لاقتفاء آثار أجدادهم والفخر بما قدموه، ومن ثم متابعة تلك الإنجازات فيكونوا بحق خير خلف لخير سلف.
ولأن ذاكرة الوطن غنية بمبدعيها على الصعد كافةً (الثقافية، الفنية، الفكرية، السياسية وأيضاً الشهداء من الشرائح كافة) كان لابد من مشروع وطني تكريمي لتلك الرموز الوطنية، ورسالة شكر لصناع الحضارة ورواد النهضة والمدافعين عن الوطن ولكل من أخلص وكان وفياً لوطنه، باراً بأبناء جلدته.
وما جاء في خطاب القسم للسيد الرئيس بشار الأسد من تأكيد على أهمية تكريم الرموز الوطنية والثقافية، يجعلنا أمام مهمة كبيرة في البحث عن تلك الرموز، الأحياء منهم ومن غيبه الموت من أجل تكريمه لتظل بصماتهم وأعمالهم منارة للأجيال القادمة وقدوة تستنهض الهمم، وربط الأجيال بماض حافل بالبطولات والإنجازات، ما يكرس لديهم هذا الانتماء لجذورهم والتفاخر بما قدموه للوطن وللبشرية جميعها.
وربما كان التمثال البرونزي لعالم الآثار الشهيد خالد الأسعد الذي قدمه كهدية فريق من رابطة المحاربين القدماء في روسيا يؤكد إيمان الشعوب بأهمية المبدع ودوره ليس في وطنه فحسب، بل يمتد ليعم العالم، وكثيرون هم رموزنا الذين حققوا إنجازات حقيقية ورفعوا علم بلادهم في المحافل الدولية في ميادين الفنون والآداب والإبداع كافة.
وهنا لابد أن نلفت إلى ضرورة العمل على إحياء الذاكرة الوطنية والتاريخية لتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ أعلامهم، ونشر الوعي الثقافي عبر قنوات التواصل والمواقع الإلكترونية من أجل ذاكرة حية تنبض بالانتماء للوطن والإخلاص لرموزه، ومن أجل وطن هو الأجمل والأسمى.
رؤية- فاتن أحمد دعبول