ليست كمثلها من التجارب الانتخابية، ولا تشبه نتائجها غيرها من الانتخابات، فالمرشحون يفترض بهم أن يكونوا من حاملي هموم المهنة فضلاً عن هموم الناس ومشكلات العالم وقضاياه، والناخبون يفترض بهم أن يمارسوا مفاضلة دقيقة لاختيار من يحمل رايتهم في فترة الاستقرار والخيار القادمة، وهذا ما يجعل الانتخابات الصحفية معركة فكرية وثقافية وعقائدية قبل أن تكون عملاً تنظيمياً اعتيادياً.
وتأتي هذه الدورة الانتخابية في ظلّ ظروف استثنائية على المستوى الوطني بعامة وعلى مستوى المهنة والعمل الإعلامي والنقابي بخاصة، فالوضع المعاشي انعكس على جميع فئات المجتمع وترك آثاره السلبية على الصحفيين بشكل كبير، ولم يعد معها الصحفي قادراً على القيام بمهمته وفق ما كان يقوم به قبل الحرب الإرهابية الاستعمارية على سورية، وهي قد تركت آثاراً صعبة على العمل الإعلامي بشقه الورقي والإذاعي والتلفزيوني إضافة إلى الرقمي والإلكتروني، فتوقف الصحف كان بمثابة التحدي الكبير في القدرة على التعويض وملء الفراغ والنقص في القدرة على تقديم الخدمة الإعلامية للمواطن في كل أنحاء الجمهورية.
هذه الوقائع والمقدمات تقتضي دقة وتركيزاً في الخيارات، فالمرشحون يعرضون إمكانيتهم وتاريخهم ومشاريعهم المستقبلية لمواجهة الأزمة الراهنة، وعلى الناخبين أن يحسنوا خياراتهم التي ستشكل القاعدة القادمة للسنوات الخمس من عمر المؤسسة النقابية وهي تسعى للحصول على مكانة مؤثرة على المستوى الداخلي والحكومي إضافة إلى دورها الريادي بين المؤسسات والنقابات واتحادات الصحفيين العرب والأجانب، فتقوم بدورها السياسي والنقابي والثقافي والاجتماعي وفق الخطط والسياسات التي يتطلع إليها الصحفيون والإعلاميون.
المهمة صعبة والاختيار أصعب والنتائج شديدة التاثير والمنعكس على المهنة والوظيفة، فهل نحسن الخيار؟
يتهيأ الكثير من أصحاب الخبرة والتأثير والفاعلية لخوض تجربة الانتخابات الصحفية وهم يستعدون للقيام بدور مستقبلي في ظروف شديدة التعقيد، وهم مطالبون بالقيام بالكثير لتعويض ما فات من فرص ضاعت موضوعاً أو ذاتياً، فاتحاد الصحفيين يعاني نقصاً في الموارد نتيجة قلة الاستثمارات ونقص الدعم الحكومي المفترض، الأمر الذي يقتضي الخوض في تجارب إبداعية تنعكس إيجاباً على جميع أعضاء اتحاد الصحفيين، ذلك الأمر الذي يستدعي اتخاذ مواقف قوية ودقة في الخيارات، وهذا ما سيظهر قادم الأيام القريبة.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد