إطفاء الحرائق هي الاستراتيجية الوحيدة المعتمدة في المؤسسات والإدارات العامة اليوم، ما من خطة أو استراتيجية واضحة لقادمات الأيام، بل التعامل مع ما يستجد من أمور كلّ في قطاعه، وبطبيعة الحال فالأزمة وتداعياتها هي العلّة التي يعلّقون عليها تراخيهم وفشلهم في العمل..
أزمة مضى عليها سنوات عشر ولا تزال الإدارات والمؤسسات عاجزة عن استيعابها والتعامل معها بل وتُفاجَأ في كل أعمالها بالصعوبات الناجمة عنها، وكأنها صعوبات وعوائق لم تنهض في السنة السابقة حتى تكون المفاجأة الكبيرة في السنة الحالية..
سابقاً أيام الراحة قبل الحرب الإرهابية كانت جداول الأعمال تتضمن كل كبيرة وصغيرة وتُناقش وتوضع لها الحلول والخطط التي تنفذ غالبيتها العظمى، ويبقى أجزاء من العمل لا تؤثر بشكل حقيقي على واقع الحال، ومن عمل ويعمل في الشأن العام يعرف أن نهاية كل جدول أعمال كانت تُذيّل ببند “ما يستجد من أمور” وهي أمور تقتصر على الطارئ في اللحظة الأخيرة ويتطلب العلاج، ولذلك كانت سورية يومها في مرحلة الانطلاق والازدهار.
أما اليوم فالوضع مختلف ولا تزال جداول الأعمال والبيانات والمؤشرات والإحصائيات تتعامل بمنطق السنوات الماضية أيام الرخاء وجداول الأعمال تحفل بالبنود المؤجلة والتي تحضر على طاولة النقاش من قبيل الاستذكار والتذكير بالعجز عن الحل كونه خارج طاقة البشر على اعتبار وجود الأزمة وظروفها..!!
سنوات عشر ولم تتمكن مؤسسة أو إدارة واحدة من المضي في عملها بشكل يتناسب مع ظروف الأزمة التي لم تعد طارئة، بل أضحت واقعاً مُعاشاً تأقلم المواطن معه بكل منغصاته واستحالاته العديدة، ولم تتمكن المؤسسات من التأقلم معه في نطاق عملها فقط، رغم أنها ظروف متكررة في كل عام..
في كل سنة تتفاجئ السورية للتجارة ومن قبلها وزارة الزراعة بموسم الحمضيات، وفي كل سنة تتفاجئ شركة محروقات بمشاكل البطاقة الإلكترونية وفوضى توزيع المحروقات..
وإن كانت الأزمات الأخرى سنوية فالأكثر طرافة هو المفاجأة اليومية لوزارة التموين بفوضى الأسعار وارتشاء بعض عناصر الرقابة التموينية وتردي جودة الرغيف وسوء توزيعه والفوضى الضاربة أطنابها في مؤسسات الوزارة وسواها مما يعرفه المواطن..!!
من يعمل معروف حتى بالاسم، ومن لا يعمل معروف باسمه كذلك، أما ما ينتظره المواطن فهو محاسبة كل من قصّر في عمله.. وعلى حساب المواطن نفسه..
الكنز -مازن جلال خيربك