لم يكن مستغرباً وفق رؤية القيادة السورية المنطقية والعقلانية لمجريات الأمور والأحداث والتطورات في عموم المنطقة، أن تبدأ المواقف العربية والدولية بالتغير لمصلحة سورية وعودة الهدوء والاستقرار فيها، حيث ساهم الصمود السوري المنقطع النظير في السنوات الماضية بكشف خدعة ما يسمى “الربيع العربي” وفضح كلّ أسرارها الإرهابية والظلامية المدمرة للدول والمجتمعات، إذ لولا ما قدّمه السوريون من تضحيات كبيرة وبطولات عظيمة في سبيل كشف المؤامرة ودحر الإرهاب وصون حرية وسيادة بلدهم ، لانطلت خدعة “ربيع الأخوان” على الكثيرين ولدخلت المنطقة في نفق مظلم خدمة للكيان الصهيوني الذي كان المستثمر الأول والمستفيد الأكبر من كلّ الخراب والإرهاب والانقسامات العربية التي تسبب بها هذا الربيع المزيف.
ما شهدته أعمال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة من نشاط سوري مكثف ولقاءات مهمة جرى خلالها شرح الرؤية السورية لمختلف القضايا المطروحة على الساحة الدولية، كان باكورة حصاد الانتصارات السورية على الإرهاب، وهو ما سينعكس بالضرورة في مواقف وتصريحات ونشاطات تصبّ كلّها في إطار عودة سورية إلى الموقع الطبيعي الذي كانت تحتله عربياً ودولياً قبل اندلاع الحرب الإرهابية.
الاتصال الذي جرى بالأمس بين السيد الرئيس بشار الأسد والملك الأردني عبد الله الثاني بالتزامن مع عودة العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، حدث مهم يؤشر إلى عهد جديد من التحسن والتعافي في العلاقات العربية – العربية لمصلحة الدول العربية ولخدمة قضاياها العادلة، وانتهاء حقبة القطيعة والفتور التي شابت المرحلة الماضية نتيجة التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة والتي أثرت سلباً على التعاون والعمل العربي المشترك.
لا شك أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان وما سيليه من انسحابات أميركية أخرى من المنطقة نتيجة فشل السياسة الأميركية فيها، كان عاملاً مهماً في عودة الدفء التدريجي للعلاقات العربية، ومن المهم أن تقوم باقي الحكومات والدول العربية بمراجعة حساباتها، بعيداً عن التأثيرات الخارجية، لطي الحقبة السوداء الماضية، وفتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق العربي في كلّ القضايا المصيرية، إذ لا مصلحة لأي دولة عربية في استمرار القطيعة والانقسام العربي، فيما يشهد العالم كلّ يوم ولادة تحالفات جديدة لحماية المصالح المشتركة.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود