لطالما أكدت سورية تصميمها على اجتثاث الإرهاب من جميع أراضيها، وعدم تخليها عن أي شبر أرض ما زال يحتله الإرهابيون وداعموهم من قوات الاحتلالين الأميركي والتركي، وهذا حق مشروع كفلته كل القوانين والمواثيق الأممية، وهي قطعت شوطاً كبيراً في هذا المضمار، وبفضل صمود شعبها وتضحياته، والإنجازات التي حققتها في الحرب على الإرهاب، وإفشال المخططات الصهيو-أميركية، بدأت الكثير من الدول تعيد حساباتها، لتصحيح مسار سياساتها الخاطئة، لإدراكها أهمية الدور السوري في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
مركزية الدور السوري الفاعل والمؤثر على الساحة الإقليمية والدولية، وتمسك الشعب السوري بخيار المقاومة وثوابته الوطنية، ورفضه الرضوخ والارتهان للمشاريع الغربية، وثباته على مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، شكلت أبرز أسباب الحرب الإرهابية، بدوافع صهيونية، بهدف تكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وضمان استمراره وهيمنته على المنطقة وفقاً لأجندة أميركية، وهذا الهدف ما زالت الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون، وأدواتها الإقليمية تراهن على تحقيقه من خلال مواصلة دعم الإرهاب، رغم الفشل الاستراتيجي الذي أصاب مشروعها العدواني في مقتل.
من هنا فإن الربط بين استمرار الاحتلالين الأميركي والتركي وممارساتهما الإرهابية المتصاعدة، وبين الاعتداءات الصهيونية المتكررة، وبين جرائم التنظيمات الإرهابية “داعش والنصرة وقسد”، إلى جانب مواصلة الغرب تسييس عمل المنظمات الدولية – و”حظر الكيميائية” نموذجاً- يوضح ماهية الحرب الإرهابية وأبعادها، وفي المقابل، فإن المعادلات الميدانية والسياسية التي فرضتها الدولة السورية من خلال تصديها لهذه الحرب بأشكالها وفصولها المتعددة، يثبت أن منظومة الإرهاب بقيادة أميركا قد فشلت بكل مراحل العدوان السابقة، والفشل سيبقى ملازماً لمخططاتها اللاحقة، والواقع الراهن بات يحتم على أطراف تلك المنظومة التسليم بواقع الهزيمة، والانسحاب تجنباً للمزيد من الخسائر، وكل ما يجري من تبدلات إيجابية في المواقف الدولية تجاه سورية، هو بكل تأكيد عملية تمهيدية لإعلان هزيمة المشروع الصهيو-أميركي في سورية والمنطقة برمتها، فالعديد من الدول تتكئ على الموافقات الأميركية قبل اتخاذ مواقفها السياسية.
سورية لم تخضع يوماً للمشيئة الأميركية والغربية، ولا يمكن أن تفرط بسيادتها وقرارها المستقل تحت أي ظرف كان، فأميركا ومنظومتها العدوانية لم تترك وسيلة لا أخلاقية ولا شرعية إلا واستخدمتها في سياق الحرب الإرهابية لتغيير الواقع السياسي في سورية، وتحييدها عن دورها المحوري والفاعل في المنطقة، ولكنها عجزت عن تحقيق غاياتها، فدور سورية المقاوم سيبقى ثابتاً، ولن تزحزحه أي قوة غاشمة على وجه الأرض، لاسيما أنها واجهت الكثير من الحروب والتحديات على مر العقود الماضية، ودفعت أثماناً باهظة لتمسكها بمواقفها ومبادئها الثابتة، وهي اليوم تزداد قوة وصلابة، ومن رحم صمودها وانتصاراتها، يتولد نظام دولي جديد.
نبض الحدث بقلم أمين التحرير ناصر منذر