لايزال الجدال مستمراً في الأوساط الثقافية، يشتعل حيناً ويخمد حيناً آخر حول سطوة الكتاب الالكتروني وانتصاره الساحق على الكتاب الورقي، وينتصر الفريق الأول للالكتروني بكثير من المسوغات التي تجعله سيداً على عرشه في ظلّ ثورة المعلومات التي طغت على كلّ شيء وامتدّت لتشمل الكتاب الورقي ونعيه ليصبح في ذمة التاريخ، ويكون أثراً بعد عين.
وفي تصديه يقف الفريق المنتصر للكتاب الورقي ليحسم أمره بأن الكتاب المطبوع قادر على التحدي وبقائه أمر لاريب فيه، يؤكد ذلك عمره الذي يمتد لآلاف السنين، فلم تستطع الحروب وعاديات الزمن أن تحطّ من شأنه، فرائحة الحبر وعبق الأجداد ومخزونهم الفكري والإبداعي هو الشاهد الحي على حضارة الشعوب ومجدها الذي لا يخبو ألقه.
ونحن هنا لسنا في عرض مقومات كلّ نوع على حدة، بل لنؤكد من جديد أن المشهد الثقافي يتسع لغير نوع من الثقافات سواء على صعيد الشكل أو المضمون، وعبر التاريخ لم نر ابتكاراً جديداً استطاع أن يلغي سلفه، فعرض المسرحيات على فضاءات التلفزة، لم يحدّ من ارتياد خشبات” أبو الفنون” وكذا السينما والمراكز الثقافية، فلكّل جمهوره ورواده.
والاحتفاء بمعارض الكتاب على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، لدليل قاطع على سطوة الكتاب الورقي، دون المس بدور الكتاب الالكتروني ودوره في العصر الحاضر.
يدفعنا إلى ذلك الحديث، العزوف الكبير عن القراءة، وهجر الكتاب، وفي الآن نفسه، دعوة المؤسسات الثقافية والتعليمية إلى استقطاب الأطفال واليافعين والشباب إلى جلسات للمطالعة وإلى اصطحاب الكتاب في حلّهم وترحالهم، بعد أن طغى الأزرق على عقولهم وسلبهم حرية التفكير، لنعيدهم إلى واقعهم في ظلّ اختراق العولمة وهيمنتها على سلوكهم في اقتباسهم للكثير من عادات وتقاليد لا تشبهنا ولا تمت بصلة لقيمنا وثقافتنا.
ولأن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع بشرائحه كافة، فلابدّ من الاستثمار في الثقافة وتوجه رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية للاهتمام بغذاء العقول وبناء البشر قبل بناء الحجر، فهل من يستجيب؟؟، لنحلق عالياً، حدودنا الشمس وكتاب ينير الدروب.
رؤية- فاتن أحمد دعبول