تماطل واشنطن في إنهاء الأزمات والحروب التي افتعلتها في العالم لغايات خبيثة ليست بخافية على أحد، بالرغم من الوعود والتعهدات التي قطعها الرئيس الأميركي جو بايدن إبان حملته الانتخابية لتسوية العديد منها، وهو ما يؤكد أن سياسة ما يسمى الدولة الأميركية العميقة لا تتغير بتغير الرؤساء والإدارات، وإنما فقط تختلف التصريحات والأقوال، ففي الاتفاق النووي مع إيران على سبيل المثال، لا نكاد نجد فروقاً تذكر بين تعاطي إدارة ترامب التي ألغت الاتفاق وخرجت منه وإدارة بايدن التي تعهدت بالعودة إليه.
فإدارة ترامب عملت تحت ضغط الكيان الصهيوني واستجابت لرغباته، ولم تراع المصالح الدولية والإقليمية التي أثمر عنها الاتفاق، وقامت بفرض عقوبات مشددة وقاسية على إيران لإجبارها على التفاوض مجدداً بشروط صهيونية لا علاقة لها بالمسألة النووية وكادت تصرفاتها الطائشة أن تشعل حرباً بين الطرفين، وحين اسـتأنفت إدارة بايدن المفاوضات من جديد ماطلت في رفع العقوبات المفروضة وهي “النقطة الخلافية”، رغم استعداد طهران لتنفيذ التزاماتها كاملة شرط رفع العقوبات والحصول على ضمانات أميركية باحترام الاتفاق، وهو حق قانوني لإيران.
وكذلك لم يختلف المشهد في إيران رغم تبدل الحكومات والرؤساء، فالموقف واحد من الاتفاق ومن العقوبات، وهذا يؤكد مبدئية السياسة الإيرانية القائمة على أسس واضحة وشفافة، الأمر الذي يضع الكرة في الملعب الأميركي، وإذا ما انهارت المفاوضات الجارية فإن اللوم يقع على الأميركيين، لأنهم أفشلوا الاتفاق السابق ولم يقوموا بواجباتهم لإعادة الأمور إلى نصابها.
الكيان الصهيوني لم يتوقف عن التدخل والتحريض وافتعال المشكلات لعرقلة أي اتفاق جديد، فها هو وزير المالية الصهيوني الإرهابي أفيغدور ليبرمان يحذر من أن المواجهة مع إيران هي “مسألة وقت فقط وليس الكثير من الوقت”، وهو تهديد مبطن بالتصعيد سبقه عدد من الاغتيالات وأعمال التخريب الإسرائيلية لم ترهب إيران ولم تؤثر في صلابة وجدية موقفها من القضية برمتها، ما يعني أن هناك سباقاً بين التصعيد والدبلوماسية يضغط بقوة على مفاوضات فيينا، وعلى عقلاء المجتمع الدولي أن يفككوا الألغام الصهيونية لتجنيب المنطقة والعالم كارثة قد تقع بسبب حماقات تل أبيب وعبثية السياسة الأميركية.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود