الثورة أون لاين – بقلم أمين التحرير محمود ديبو
مع كل مشكلة أو معاناة أو عقبة تواجه المواطنين وتضاعف متاعبهم المعيشة تظهر فئة السماسرة والمنتفعين الذين يحولون كل تلك المصائب والمشكلات إلى فرص غنية للاستثمار بها وجني ثروات طائلة لم يكونوا ليحلموا بها.
واليوم ومع الانتشار غير المسبوق لجائحة كورونا والتزايد المستمر في أعداد المصابين من كل الأعمار كشف هؤلاء السماسرة والمستغلين عن وجههم القبيح مستغلين حاجة المرضى لبعض الأدوية النوعية والرعاية الخاصة في المشافي وأسطوانات الأوكسجين وغير ذلك من التفاصيل التي لم تكن تخطر على بال أحد لولا انتشار هذا الوباء القاتل.
فمن أجور المشافي المرتفعة والتي تضاهي الإقامة في أفخم الفنادق والمنتجعات السياحية إلى أسعار الأدوية التي فاقت إمكانيات الشرائح ضعيفة الدخل من المواطنين الذين بالكاد يجدون قوت يومهم فكيف بتكاليف علاج الكورونا، مروراً ببعض السماسرة والمنتفعين الصغار الذين وجدوا في المتاجرة بأسطوانات الأوكسجين وبعض الاستشارات الطبية مجالاً رحباً لجني الأموال.
والمفاجئ اليوم ونحن نواجه الذروة الرابعة للوباء أن بعض الأدوية والحقن باتت تباع بالسوق السوداء وبأسعار لا تحتمل، إلى جانب غياب الأدوية المنتجة محلياً واحتكارها لتسهيل بيع الأدوية المستوردة والمهربة التي باتت اليوم تجوب سوق الدواء ليجد المريض نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن يشتري الدواء ويرفع نسبة نجاته من هذا الوباء، أو أن يستسلم ويترك مصيره ليقرره القدر والذي غالباً ما ينتهي بالموت لعدم قدرته على تأمين الأدوية اللازمة للعلاج.
معادلة باتت واضحة المعالم ولا تحتاج إلى كشف أو تدقيق أو بحث، يعيشها مرضى الكورونا بكل سوداويتها وبكل ما تحمله من ظلم وقهر للإنسانية يمارسها حفنة من المستغلين والمنتفعين الذين يتاجرون بأرواح المرضى وآلامهم، وكل ذلك يحدث في وضح النهار بلا حسيب أو رقيب أو ضبط من قبل المعنيين في وزارة الصحة ولا تجد ما يشي بتدخل نقابة الصيادلة أو الأطباء للحد من حجم هذا الاستغلال الذي يواجهه مرضى الكورونا اليوم.
وفي زحمة هذه الاستثمارات اللاإنسانية التي نعيش طقوسها القاتمة يرى البعض أن تزايد عدد وفيات مرضى الكورونا الذي شهدته البلاد في الآونة الأخيرة يعود في جزء منه لأسباب ترتبط بهذا السلوك اللاأخلاقي الذي يمارس بكل صفاقة وبلا خجل، من قبل سماسرة الدواء وتجار الموت، لنعود مع كل هذا ونسأل مجدداً: أين الجهات المعنية وما هو دورها ورأيها في كل ما يحدث اليوم؟.