تطرح ظاهرة فك وسرقة الأسلاك النحاسية من شبكات الكهرباء العامة، المترافقة مع التقنين الكهربائي الطويل جداً والجائر جداً،الكثير من الأسئلة المتعلقة بالكيفية التي تتم بها هذه السرقات، وبالأشخاص الذين يقومون بها ومن يقف وراءهم، وبالجهات التي تشتري منهم المسروقات ذات الكميات الكبيرة، وبغياب الدور الرقابي والعلاجي للفعاليات الأهلية والرسمية وخاصة بعد أن استفحلت هذه الظاهرة في كل المحافظات.
لقد بلغت الكمية المسروقة من شبكات كهرباء محافظة طرطوس وحدها حسب بعض الأرقام المنشورة من الجهات المعنية منذ بداية العام الحالي وحتى الآن أكثر من خمسة وثلاثين طناً موزعة على مختلف المناطق،كما بلغت قيمتها وفق الأسعار الحالية أكثر من مليار وسبعمئة مليون ليرة،فإذا جمعنا هذه الأرقام المرعبة مع أرقام المحافظات الأخرى فسوف نكتشف حجم الكارثة التي لا يبدو أن هناك أي خطوات عملية جادة لمكافحتها بأسبابها ونتائجها، حيث إن كل ماتقوم به شركات الكهرباء يتمثل بإبلاغ مخافر الشرطة من أجل الكشف على موقع السرقة، وتنظيم الضبوط اللازمة ضد مجهولين في معظم أو كل الحالات!!
في ضوء هذا الواقع المؤلم وتداعياته على المواطنين الذين يبقون دون كهرباء لعدة أيّام وعلى المصلحة العامة أقول إن أحد أهم أسباب هذه السرقات هو التقنين الطويل والجائر الذي حوّل قرانا والطرق المؤدية إليها إلى ظلام دامس ولمدة خمس ساعات متواصلة في كل فترة لتليها ساعة وصل واحدة أو أقل، والسبب الثاني هو عدم كشف معظم الفاعلين وأيضاً عدم كشف من يقف وراءهم ويديرهم ويشتري منهم الأسلاك المسروقة..وأقول أيضاً إن من يقوم بهذه السرقات ليس مواطنين عاديين إنما مجموعات لديها إمكانية الحركة ومستلزمات الصعود إلى الأعمدة وفك الأسلاك وتحميلها ونقلها بكل ثقة، وتضم أشخاصاً متخصصين وفنيين محترفين بعضهم قد يكون من العاملين في شركات توزيع أو نقل الكهرباء..الخ!
إن هذه الظاهرة -التي تضاف لظاهرة المخالفات المزمنة وأخذ الكهرباء(سرقة) دون عدادات -تتطلب من الجهات الرسمية والحزبية والأهلية دراستها بدقة من جوانبها المختلفة، ووضع الخطط وآليات العمل المناسبة للمراقبة ومنع حصول هذه التعديات والسرقات سواء عبر لجان حزبية وشعبية تطوعية على مستوى كل قرية بإشراف الوحدات الإدارية أو مخافر الشرطة، أو عبر قيام حواجز الجهات الأمنية بضبط أي كمية من الأسلاك عند مرور السيارات التي تحملها وإنزال أشد العقوبات بالسارقين، وعبر العمل بكل الإمكانات لتحسين الوضع الكهربائي،والوضع المعيشي.
على الملأ- *هيثم يحيى محمد