على حجر صواني تأخذ قيلولة صباحية مستغرقة في أنغام وضعتها على أذنيها كأنها وحدها في صباحات عام جديد، تمشي من دون حقيبتها الثقيلة التي اعتادت حملها في كل الأوقات كمن يحرص على أن يحمل كل شيء دفعة واحدة، فربما لن يعود إلى منزله ثانية …!
مع أن الجو شتائي، حيث التجوال بين الأمكنة الاعتيادية في أول صباح بعد العيد، كمن يفتح أولى أوراقه على اتساع الكون…
وهل أبهج من الطبيعة، نتسلق عبر بواباتها المفتوحة أبداً…
لا يرافقها أحد في رحلتها، ولكن لا ينتابها أي من أحاسيس الوحدة الكئيبة، بل مجرد تأمل يستدعي كل الأفكار المبهجة، المحملة بآمال لا تنتهي، مع نور البدايات، بعيداً عن عتمة النهايات وكآبتها المقيتة.
الغيوم تكاد تهبط إلى الأرض، تأخذ رشفة من أحد جداولها من دون أن تخشى الذوبان، الألوان على أجنحة الفراشات الغائبة، تذكرك بها تلك الطيور الرمادية الصغيرة جداً، تختبئ في عش تغادره مضطربة سرعان ما تعود..
تستمتع بإنصات إلى صدى غامض، كأن أحداً ما يتسلق أحد الجبال على مهل، يخشى أن يطأ إحدى الكائنات تاركاً إياها تقيد في أبدية النسيان، مثلنا تنتظر حضوراً فارغاً في بعض الأوقات.
من المؤسف أننا لا نتمكن مثلها من التحاف السماء وافتراش الأرض، بعيدين عن انزلاق يبدو عملية لكنه عبودية نتكدس معها خلف أسيجة خانقة تحرمنا حتى من التنفس، لا ينفعنا معها عطر المروج، نخجل من الحياة، وتخجل بنا ومن استسلامنا، لكل هناتها من اللحظة الأولى… نطأطئ الرؤوس، ونتسول اللحظة الحانية كمن لم يلتقط يوماً سوى الأغلال…
في ورقتها الأولى.. والأخيرة… صفحات كثيرة، ولكنها تحارب أقسى الأوقات، دون أن تتمكن من تغيير خطوطها، قلقها يعود للظهور مع رنين الساعة الأخيرة… سرعان ما يعاود كل شيء نمطيته وتبلده النهائي..!
رؤية- سعاد زاهر