الثورة – غصون سليمان:
لم يكن أسلوب العنف في كل أشكاله وألوانه حالة صحية أو مرغوب فيه فهو مدان بكل الشرائع والأديان والقوانين، فكيف إذا كان العنف ببعض جوانبه مدمر للأسرة والمجتمع نظراً لآثاره السلبية على جميع المستويات.
لقد أثارت حادثة مقتل الشابة آيات الرفاعي على يد زوجها ووالده وأمه حفيظة المجتمع السوري، ماجعل هذه القضية تتفاعل بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي عبر ردود متباينة تستنكر أسلوب العنف والتعذيب.
وانطلاقاً من أهمية الوعي والتوعية بالحقوق والواجبات لأبناء وأفراد المجتمع
أطلقت اليوم في قاعة رضا سعيد جامعة دمشق حملة “لاتسكتي” برعاية وزارة الإعلام والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وحضور وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق، و ممثلين عن وزارة العدل والداخلية والاتحاد الوطني لطلبة سورية، وحشدٍ كبيرٍ من طلبة الجامعة من جميع الكليات والاختصاصات.
هذه الندوة التي أخذت شكل الصندوق المفتوح لها من الأهمية بمكان لعرض الأفكار والرؤى حول مفهوم مصطلح العنف واسع الطيف.
فبعد عرض ريبورتاج خاص بحادثة الشابة آلمغدورة آيات الرفاعي وردة فعل أهلها والشارع السوري، أرفق المشهد بعرض فيلم قصير لأنواع الخدمات التي تقدمها وحدة حماية الأسرة التابعة للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، من صحية وطبية ونفسية وتعليمية ورياضية وتدريبية. ومع اعتراف إحدى الأمهات الناجيات من العنف الأسري من قبل زوجها على مدى خمسة عشر عاماً، وأطفالها الستة من قبل زوجها حيث واجهت مختلف أشكال القهر والتعذيب والضرب المبرح دون رأفة أو شفقة لها ولاطفالها. إلى ان تمكنت وهربت من البيت مع ابنائها الستة إلى إحدى مراكز وحدة الحماية الأسرية التابعة للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان.
وأمام هذا الشريط الاجتماعي والانساني المرتكب بأفعال العنف المرفوضة أخلاقياً وقانونياً..
كانت مساحة الرؤى الغنية لحجم الآراء والأفكار من قبل الجمهور المتلقي تعكس حالة مستوى الوعي لخطورة هذه الظاهرة القديمة الحديثة، حيث أظهرت المداخلات والتي تجاوزت الخمس عشرة مداخلة من مختلف المستويات الفكرية.
فالبعض رأى أن العنف الأسري حالة متجذرة عند البعض، وهناك قصور في القوانين والتشريعات من ناحية المواد الرادعة..
والبعض الآخر يرى في العادات والتقاليد والخوف من نقل الشكوى في حال حصل عنف ما داخل المنزل سواء في بيت الأهل أو بيت الزوجية هو عيب و كارثة.
وهناك بعض التساؤلات التي حمَّلت جزءاً من المسؤولية على التربية و إدارات المدارس بسبب تسرب العديد من طلاب وطالبات المنازل، ليبقى السؤال: أين دور الجهات المعنية ودور الجمعيات الاهلية؟ ..
وكيف نستفيد من ارقام الإحصاءات أن كانت متوفرة لمعرفة نسبة زواج القاصرات وقلة الثقافة والتوعية في هذا المجال؟..
أسئلة كثيرة يقف المرء عند تداعياتها كي ينطلق من جذور المشكلة لمعرفة وسائل العلاج.
الاستاذة سمر السباعي رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بينت أن الشابة المغدورة آيات الرفاعي ليست أول حالة، وهناك حالات كثيرة قبلها بثها الإعلام بوسائل مختلفة، لكن الملفت هو حجم الضخ الإعلامي لما حدث لآيات على الصعيد الاجتماعي، لافتة أن وحدة حماية الأسرة المحدثة منذ عام ٢٠١٧ كانت إنجازاً مهماً نظراً لما أفرزته الحرب من أعباء إضافية، ماساهم بمعالجة العديد من الحالات المحولة إلى وحدة الحماية عن طريق القضاء والداخلية والتواصل مع الهيئة عبر الخط الساخن، وأولى خطوات العلاج هو الدعم النفسي وغيره الكثير من شروط الرعاية.
كما تحدث القاضي عمار بلال رئيس مكتب الخبرات القضائية في وزارة العدل عن جملة التساؤلات التي تم طرحها من قبل الحضور مبدياً تقديره لمستوى الطروحات والنقاشات العقلانية بعيداً عن التحيز .مؤكداً أن المنظومة القانونية السورية هي من أهم المنظومات في الوطن العربي.
وذكر بلال في هذا السياق ان القانون لايشجع حالات الطلاق وأن الأمور القانونية الخاصة بالأسرة لاتنصر طرفاً على حساب آخر. والعنف مورس على الشعب السوري منذ بداية الحرب العدوانية.
بدوره السيد ياسر كلزي من وزارة الداخلية والمختص بقضايا العنف أشار في رده على استفسارات الحضور أن مفهوم العنف واسع جدا وهو مصطلح مطاط، منوها بأن العنف الممارس هو قائم على كل النوع الاجتماعي وليس على النساء فقط.
لكن اللافت هو حالة العنف الأسري والذي هو أحد أشكال العنف داخل الأسرة والمتمثلة باطارها الواسع ايضا داخلها وخارجها، فهناك العنف اللفظي والجسدي والنفسي، وبالتالي فإن القانون يعاقب على فعل الجريمة وليس على بعض حالات العنف اللفظي مثلا.
وأضاف بأن شعار حملة “لاتسكتي” هو المفتاح لوزارة الداخلية، إذ تم إحداث مراكز للعنف الأسري في الوزارة، وهذا يتطلب المبادرة وعدم السكوت عن أي ضرر يتسببه العنف الأسري والمجتمعي نتيجة قلة الوعي وثقافة الحوار.
تصوير: فرحان الفاضل