في كل مرة نفقد فيها مبدعاً نشعر أن حزناً كبيراً يلفّ مشهدنا الثقافي بشكل عام… ففي الأمس القريب فجعنا بالشاعر الكبير خالد أبو خالد وقبله الفنان زهير رمضان والكبير صباح فخري والقائمة تطول.
اليوم رحل عن الوسط الفني مخرج هو الأكثر جدلاً بين زملائه، لأنه المبدع الذي ملأ حياتنا بأعمال كانت بحق علامة فارقة في تاريخ الدراما داخل سورية وخارجها … فلا نغالي إذا قلنا: إن بعض أعماله بغض النظر عن اختلافنا معها قد منعت التجول أثناء عرضها.
رحل الآغا كما يحلو للبعض تسميته، ومازلنا نذكر بداياته التي كان من أجملها مسلسل «الخشخاش»، العمل الاجتماعي البيئي الذي تابعه معظم العائلات السورية والذي تميز بحكايته المشوقة الغامضة التي تناول من خلالها أمراض المجتمع، وتأثير المخدرات في ارتكاب الجرائم.
رحل مخرج (أيام شامية) المسلسل الأهم في تاريخ البيئة الشامية والذي من خلاله تضاعفت هذه النوعية من الأعمال على الرغم من وجودها على أيدي مخرجين سابقين، لكنها سارت بسرعة لدرجة أنها أصبحت مطلوبة لعدد كبير من المتابعين ليأتي بعدها ليالي الصالحية والخوالي وأخيراً باب الحارة.
لاشك في أن بسام الملا صنع نجوماً من خلال أعماله .. وربما مسلسل باب الحارة الشاهد الأكبر على هذه القضية التي أجمع عليها الكثيرون .. فهو الذي فتح أبواباً للدراميين لكي يقدموا ما لديهم، فباتوا نجوماً وأصبحت أبوابهم مفتوحة لأعمال أخرى.
بسام الملا عقود من العمل والعطاء والإبداع .. زيّن شاشتنا بجمال القصة وسحر الأداء وبراعة الصورة .. فكانت أعماله أشبه بالياسمين الذي عربش على منازلنا فزادها جمالاً وبهاء.
وداعاً بسام الملا .. فباب الحارة أُغلق حزناً عليك، لكنه لم يُغلق تماماً، فوراءك شركاء وأحبة وتلاميذ سيكملون المسيرة التي تربوا عليها والذين لم ينسوا أنك من خلالها كنت آغا دراما البيئة الشامية، كيف لا؟ .. وأنت الذي حفرت عميقاً في وجدان السوريين والعرب.
رؤية – عمار النعمة