تناقلت وسائل الإعلام مؤخرأً خبر استعادة المتحف الوطني في دمشق (خمس تماثيل تدمرية جنائزية) كانت قد اشتريت من دور مزادات أوروبية وأميركية، وبعد عرضها في متحف “نابو” وهو متحف خاص يقع في شمال لبنان، تبين أنها من ضمن الآثار المهربة من سورية، فقررت إدارة المتحف إعادتها إلى مديرية آثار سورية، تعبيراً عن أواصر العلاقة الأخوية والثقافية والحضارية بين البلدين، وقد تم تسليمها في حفل رسمي ضم شخصيات رسمية سورية ولبنانية.
وفي هذا الصدد نشير إلى أن من أبرز مشكلات وتحديات الثقافة المنفتحة في عالمنا العربي، منذ فجر النهضة الحديثة، والى اليوم تكمن بالدرجة الأولى في المعتقدات الخاطئة، ومن ضمنها عقدة الصنم، المرتبطة بالأعمال الأثرية النحتية القديمة والحديثة، وتلك المعتقدات والتأويلات الخاطئة، التي تعتبر النحت من المحرمات، هي التي شكلت جذور النزعات العدوانية المدمرة، التي طالت العديد من الأوابد الأثرية والتماثيل المستمرة منذ آلاف السنين.
وعلى الرغم من كثرة ملتقيات النحت، التي شهدتها دمشق وبعض المدن السورية في العقود الأخيرة, والتي ساهمت في الحد من النظرة السلبية الى النحت، فإن القضايا الإشكالية الكبرى التي تواجه هذا الفن العريق وتعوق انتشاره وتطوره قد تفاقمت بعد عودة المعتقدات الخرافية والتكفيرية التي لمسناها إثر إزالة تمثال عشتار الذي نحت على جذع يابس أمام المتحف الوطني، وأيضاً في الاعتداءات المتكررة التي تطال الآثار والأعمال النحتية الحديثة.
ولهذا نتساءل اليوم عن مدى اهتمام الجهات التربوية بنشر الوعي الجمالي، الرامي إلى تصحيح هذا الاعتقاد الخاطئ، حتى لا تبقى الأعمال النحتية عرضة للتأويلات المزاجية المدمرة للإنسان ولمعطيات الحضارات الإنسانية المتعاقبة منذ فجر التاريخ.
ولقد سبق أن أعدت كتب ودراسات مطولة في هذا المجال أثبتت جميعها، أن التحريم ارتبط ومنذ البداية بالأصنام أو بالآلهة القديمة، التي كانت معدة للعبادة، ولم يرتبط بالنحت الذي جاء قبل وبعد المرحلة الوثنية.
رؤية- أديب مخزوم