بعد نفي الشائعات حول تمديد العطلة الانتصافية، يبدأ اليوم الفصل الدراسي الثاني ومع بدئه وضعت وزارة التربية الخطة الدرسية المطلوبة وبما يضمن حسن سير العملية التعليمية وإنهاء المنهاج بالوقت المناسب، وهنا السؤل الذي يطرح نفسه:
كيف يمكن لأي مدرسة أن تنهي المنهاج المقرر وهناك نقص في تأمين الكادر التدريسي الاختصاصي نتيجة وضع الكثير من المدرسين والمعلمين بحالة تحديد مركز عمل؟
صحيح أن التربية لا تألو جهداً في اتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها تأمين المدرسين والمعلمين لاستمرار العملية التربوية، لكن مسألة تحديد مركز العمل غالباً ما تكون عائقاً في تنفيذ الخطة الدرسية الموزعة على المدارس، وكثيرا ما نسمع من أهالي التلاميذ والطلاب ومن الكثير من المدارس بدمشق وريفها وريف حلب على سبيل المثال لا الحصر من عدم وجود مدرسين اختصاصيين أو معلمين في شعبة صفية، أو مدرسة، على الرغم من الأعداد الهائلة التي نجحت في المسابقات التي أجرتها التربية على مدى السنوات الماضية.
بكل الأحوال يتوجه اليوم أكثر من ثلاثة ملايين ونصف تلميذ وطالب إلى مدارسهم بعد عطلة دامت لأسبوعين، ومع عودتهم يعود الضجيج والصخب والعلم والمعرفة لمدارسنا التي اشتاقت لطلابها المجدين والمجتهدين الذين يعول عليهم الكثير الكثير في بناء الوطن.. يعودون وهم أكثر عزماً وتصميماً على متابعة التحصيل العلمي والمعرفي، كون هذه المتابعة تشكل علامة فارقة في بناء سورية الوطن الذي نحب ونعشق.. الوطن الذي أمسك ولما يزل يمسك نور التاريخ من قرنيه فيأنسه، ويمنح التاريخ نفسه معنى لانتمائه إلى الإنسان.
اليوم تعود مدارسنا لاستقبال روادها وهي مليئة بالعطاء، والنشاط، والتميز بإرادتهم التي لا تُهزم، وبهمة مدرسينا ومعلمينا وإداريينا، الذين أثبتوا بجدارة ووعي وعلى مدار أكثر من عشر سنوات تعزيز ثقافة الانتماء إلى الوطن في مواجهة ثقافة القتل والتدمير.
إننا ونحن ننظر إلى أبنائنا وهم ذاهبون إلى مدارسهم الموزعة على مساحة الجغرافية السورية، نقرأ في وجوههم إرادة الحياة من خلال إصرارهم على متابعة الدراسة والحصول على أعلى المراتب العلمية التي عرف بها أبناء سورية على مر السنين.
اليوم تعود مدارسنا لاستقبال طلابها ومن جميع مراحل التعليم في الفصل الدراسي الثاني، وهم أكثر تصميماً على متابعة التحصيل العلمي والمعرفي، فهم عندما يلتحقون بمدارسهم إنما يؤكدون حبهم للحياة، وهم بالتالي يثبتون للجميع أن متابعتهم للعام الدراسيّ يعني تأكيداً لإرادتنا جميعاً، إرادةِ السوريين جميعاً، في مواجهة مجمل أشكال تدمير سورية حضارةً وجغرافيةً وإنساناً وتاريخا، ويبقى على المعنيين في التربية المتابعة الجادة والمسؤولة لإنجاز ما تبقى من المنهاج.
حديث الناس- إسماعيل جرادات