الثورة – أيمن الحرفي:
الإسراف هو قيام الإنسان بتجاوز الحد المتعارف عليه و الإفراط بفعله فوق حد الاعتدال سواء كان بالإنفاق أم المأكل أم اللباس، و غيرها من الأمور.
و يقولون: أسوأ عادة أن تعتاد عادة وتدمن عليها، و يقولون: كل شي زاد عن حده انقلب ضده، لذلك ينصح الخبراء بعدم الإسراف في أي شيء، في المصروف اليومي، في الطعام، في الحمية الغذائية، في الكلام، في أخذ الأدوية، في النظافة، في الخوف و حتى في الرياضة.
والإسراف المقصود هنا هو المبالغة في فعل الأشياء و مثيلاتها عن الحد الطبيعي، فيصل الإسراف عند البعض في التهام الأدوية البسيطة التي نحصل عليها من دون وصفة طبيب.. كأدوية الصداع و الرشح و المسكنات و غيرها، و لا يخفى علينا خطورة الإدمان على مثل هذه الأدوية بمناسبة و بغير مناسبة لما لها من آثار جانبية وسلبية.
و في حياتنا أناس نعرفهم قد يكونوا أقرباء أو أصدقاء أو جيران يرون المرض أينما اتجهوا لذلك نراهم دوما مهتمين بالناحية الصحية باحثين و مدققين عن تركيب الأدوية و مواصفاتها متناسين ضرورة استعمالها بإشراف الطبيب وبوصفة منه، و ترى أناساً لديهم عادة النظافة المتكررة كغسل اليدين دائماً ولمرات عدة خوفاً من المرض، فهم يعتقدون أن النظافة المستمرة تبعد عنهم الأمراض كغسل الأيدي و التعقيم الدائم وهناك سيدات يعتقدن أن نظافة البيت ناقصة فيقومون بغسل الأواني مرات ومرات، و تنظيف البيت صباحاً و مساء، ترهق نفسها في غسيل الثياب بعد العودة من أي زيارة.
ومن أنواع الإسراف أيضا الإسراف في اتباع الحمية الغذائية للوصول إلى الوزن المثالي متناسين حاجة الجسم إلى أنواع معينة من الأغذية تساعده في مقاومة الأمراض و بناء الجسم بشكل سليم، وهناك من يمارس الرياضة بشكل عنيف و ضار للوصول إلى النتائج المرغوبة دون الاهتمام بطاقة الجسم و حدوده.
يقول الدكتور محمد عارف مراد اختصاصي الجراحة البولية و أمراض الكلى: ( هناك من يرغب بالشفاء العاجل فيتعجل في استعمال الدواء الذي سمع أن أحداً من معارفه أخذه و استفاد عليه، أو يأخذ معلومة من النت عن أدوية أو علاج لحالة يعاني منها فإذا به يتراكم المرض و تزداد الحالة سوءاً، علماً أن النت يحمل الكثير من المعلومات المغلوطة، ويساهم بعض الصيادلة بصرف الأدوية من دون وصفة طبية و من دون استشارة الطبيب و هكذا يساء استعمال الأدوية، فيصبح حالات مقاومه للجسم على هذه الأدوية فيما بعد، فحالة كل شخص تختلف عن الآخر فبعض الأدوية تسبب الراحة لبعض الوقت لكنها تخفي الأعراض ما يجعل التشخيص صعباً على الطبيب الفاحص في الوقت اللاحق، ويقع في الخطأ أشخاص استعملوا مضادات الحموضة ترياقاً لكل آفات المعدة مع أن بعضها يحتوي على كربونات الكلس و قد تسبب تشكل الحصى في الكلية و قد تؤدي إلى نتائج عكسية إذا استعملت طويلاً.
إن الخوف من المرض أو الموت يدفع البعض للجوء لكثرة الأدوية و العقاقير و الفيتامينات ظناً منهم أنها تبعده عن المرض و عن الشيخوخة و حتى عن الموت لكن الحقيقة الطبية إن تناول جرعات هائلة من الفيتامينات يمكن أن يحدث تغييراً في كيمياء الجسم و الدواء مهما صغر شأنه يستلزم استشارة طبية ).
و من أسباب الإسراف هو نمط الحياة المتعلق بذلك الشخص و عاداته و تعرض البعض ليسر مفاجئ بامتلاكه ثروة كبيرة من دون جهد كبير في كسبه هنا يلجأ للإسراف في الصرف من دون حساب و بلا حاجة لما ينفق عليه.
ونختم بما قاله برناردشو: ( الرجل العاقل هو الذي يتأقلم مع الدنيا و مع من حوله، أما الرجل غير العاقل فيفضل أن يؤقلم الدنيا حسب رغباته ).