ليست مجرد لعبة مسرحية ندخل فيها بإرادتنا، إنها تبدل حالنا، وتغير مزاجنا وتضبط تقلباتنا، ما إن نمضي نحوها، حتى نعثر في العرض على اقتراب يطابق إحدى حالات عشناها يوماً، أو سنفعل.
في كل عام وفي مثل هذا اليوم نحتفي بالمسرح في عيده العالمي..
تتتالى الكلمات، وننشغل بالاستعارات، وتعلو الأصوات باتجاه خشباته، وتنار لوقت لايقدر بثمن لمحبي المسرح، لكن في اليوم التالي يعود كل شيء كما كان، مجرد لحظات تذكارية عاجزة عن حمايته
من أصغر مشكلاته حتى أعقدها.
المهرجانات المسرحية، الإصدارات، الفرق، وكل ماله علاقة بعالم المسرح .. يبدو كعالم مجهول إلا من نخبة مسرحية، مع مرور الوقت تنغلق على شغفها المسرحي، ويصبح الأمر كلعبة تراثية على وشك التلاشي.
صحيح أن واقعنا الحالي، أصبح أعقد من أي مسرحية، ويبدو خارج الخشبة مملوء برؤى عبثية تسبق مسرحيات صموئيل بيكيت، وأوجين يونسكو.
في داخل المسرح، تبدو الأفكار مهما كانت عبثيتها منطقية لأننا داخل لعبة مسرحية ندرك أننا سنتخلص منها بعد انتهاء وقت المسرحية، لكن الواقع الذي يمتد إلى مالا نهاية بمسرحياته العبثية المتناهية، تعربش على حياتنا كعريشة فقدت صلاحيتها.
سنتابع احتفالاتنا، وستبقى المشكلات التي يغرق فيها المسرح منذ زمن بعيد، في أزهى صورها، ستخفت أمنيات كل من عشق المسرح يوماً، عام إثر آخر وستفقد الاحتفالات وضوحها، وستخفت إنارتها، إن لم يجند كل من يمتلك سطوة ثقافية جهدهم كي يحاولوا فكفكة مشكلاته التي تكتم أنفاسه وتعيقه عن انتعاشة يمكن لنسائمها أن تحيي كل من يقترب منها!.
رؤية – سعاد زاهر