تحافظ كبرى المواقع الإعلامية الرياضية في العالم على مهنية عالية واحترافية مشهود لها في تعاطيها مع الجمهور، لأن من يقومون على هذه المواقع لديهم خبرة ناتجة عن دراسات في فهم الطبيعة المأزومة لمتابعيهم، وهذا التوصيف ليس تجنياً على متابع الخبر الرياضي أو التحليل أو التعليق، فالإعلام الرياضي إعلام أزمة مؤقتة بكل معنى الكلمة وسيبقى كذلك.
عندما تتعامل مع الجمهور الرياضي فأنت تتعامل مع جمهور سواده الأعظم من اليافعين والمراهقين والشباب، وهؤلاء هم الأكثر ميلاً للطيش والتعصب والأكثر افتقاراً للحكمة مقابل الحماسة والتهور، ويحتاج التعامل مع هذا الجمهور إلى دراية وخبرة وتحكم دقيق جداً في المنتج الإعلامي، وهذا ما تمتلكه الوسائل الإعلامية ذات الخبرة، وعلى رأسها بعض الوسائل الاعلامية الحكومية التي تضم كوادر من الصحفيين المدربين على فهم الخبر ومدى تأثيره وفهم الإشاعة والقدرة على نبذها واستبعادها.
لكن للأسف لاتفهم الكثير من مواقع الإعلام الخاصة هذه المعايير لأنها ليست مملوكة لكل الجمهور على اختلاف أهوائه، بل لفئة منه، فيكون صنع الاختلاف هو سمتها ومهمتها الرئيسية، وتأتي مواقع التواصل الاجتماعي على رأس هذا الإعلام الخاص، وبدلاً من تعزيز روح الجماعة وتغليب المنطق والقانون، تتحول هذه الوسائل والمنصات إلى مصانع لبث الاختلاف والفرقة والفتنة بكل أشكالها.
لماذا ؟ لأن جمهورها من اليافعين جاهز للاستنفار ويستفزه أي خبر غير موضوعي قائم على آراء شخصية، ويمكن لصاحب المنصة أن يفتح حرباً من خلال التعليقات غير مدرك لأبعاد إعلام الأزمة المؤقتة، فضربة جزاء غير عادلة أزمة، وهدف بداعي التسلل أزمة، وطرد لاعب أزمة، وهنا يقف الإعلام المتمرس على مسافة واحدة ويعالج الغضب بالهدوء، لكن النار تستعر في مصانع الاختلاف الخاصة وعلى رأسها وسائل التواصل الاجتماعي التي ربما يقصدها نجوم كرة القدم الذين فقدوا السيطرة ووجدوا في التعصب والكراهية ملاذاً لهم.
نحن لاندعو هنا إلى جعل الخبر الرياضي خبراً تقليدياً بقوالب ثابتة، فكرة القدم تحديداً إذا خلت من جدالاتها ومناقشاتها غير المؤذية تفقد حرارتها وحماستها، لكننا ندعو إلى ضبط الاعلام الرياضي رقمياً، وضبط تفاعلات منصات التواصل الاجتماعي التي تحرص على العنف والتعصب والإساءة الشخصية وبث الاختلاف والفرقة من خلال تطبيقات تزيد من فعالية قانون الجريمة الالكترونية وتقويه، كل مانريده ألا تكون هناك مصانع للاختلاف بيننا لا على (فيسبوك) ولا على (تويتر) ولا على أي منصة أخرى.