الثورة – آنا عزيز الخضر:
المونودراما شكل فني، أبدع المسرحيون السوريون في عوالمه إلى حد كبير، ليكون حاضرا دوما في المشهد الثقافي ،يقدم طروحاته الواقعية والهموم والمشاكل، وكل ما من شأنه النهوض بمهمة المسرح تجاه المجتمع ،وقد اتسع حضوره الى حد مكنه من إقامة مهرجان خاص به…
وحول المونودراما كشكل إبداعي حدثنا المخرج (محمد تلاوي) وهو مخرج للعديد من عروضها فقال:
نص المونودراما تحديدا له خصوصيات إبداعية، فهو نص سردي يحاكي واقع أو خيال الشخصية، وهواجسها وحالة الصراع التي تعيشها، وهي على الأغلب تكون تراجيديا، تتكلم عن ماض خلف الكثير من الألم من خلال الحياة التي عاشتها الشخصية والظروف المحيطة بها، والشخصيات التي تعاطت معها سلبا أم إيجابا،
نص المونودراما محرك للعاطفة، يبذل من خلاله الممثل ويستعرض كل إمكانياته التمثيلية الإبداعية، حتى يعيش الشخصية بكل تفاصيلها، وكونه ممثلا وحيدا على الخشبة، يجب أن يمتلك الليونة في التعامل مع الأدوات على الخشبة من خلال توجيه المخرج للنص المسرحي.
في المونودراما نص يختزل حياة شخص، قد يتحدث عن حياته الشخصية ومعاناته، ويدخل في تفاصيل حياته حتى اليومية، بل أدق من ذلك، فهو يتحدث عن حالته الشعورية ،ويستعرض لنا الكثير من المواقف، التي كان لها أثر في مسار القصة، التي يسردها. الحوار عليه أن يمتلك الكثير من العاطفة ومن رومانسية أو أحداث فيها التشويق، ليؤثر في الجمهور ويشده نحو العمل، لذلك يجب أن يكون المؤلف دقيقا جدا في اختيار الصيغة الحوارية، التي يسرد فيها قصة الشخصية، ويتحدث عنها وكأنه في الحدث ،لا أن يسرد لنا قصة ذات حوار باهت سطحي، يصعب على الممثل تشخيصه، فيكون عبئا عليه، وبالتالي يخلق بينه وبين الجمهور حالة من الملل، فيقع في السردية المطولة دون مضمون.
نص الموندراما غني بالمواقف والإشارات والدلالات ،نتحدث عبره عن حالات إنسانية مجتمعية نفسية، عن علاقات ترتبط بكل مناحي الحياة ولكنه بإطار شخصية تحمل كل هذه الدلالات وتتبناها، ولذلك وبكل صراحة من الصعب أن نجد نص مونودراما يقنعنا فورا، فترى المهتمين بمسرح المونودراما دائمي البحث عن نص ،يمتلك عناصر يستطيع من خلالها المخرج ان يأخذ بها مساحة للعمل ،ويفجر فيها كل إمكانياته وإمكانية الممثل لتقديم العمل، ويجذب من خلاله حواس الجمهور بكل لحظة أو تفصيل من البداية الى الختام، يحقق من خلاله متعة المشاهدة، فالمونودراما وكتابتها تحتاج الى مؤلف يمتلك حسا عاليا ودقة في اختيار النقلات بين المواقف والمشاهد، ينتقل من مشهد الى مشهد، ومن شخصية الى شخصية أخرى، يقلدها الممثل او يتحدث عنها دون ان تخرج عن الشخصية الأساسية، فهي شخصية تتحدث عن كل تفاصيل حياتها امام جمهور يتابع … فالممثل ليس حكواتيا يروي لنا قصة، بل هو شخصية تعيش أمامنا في زمن ما في مكان ما وكأن كل شيء حقيقة، وهنا نعود لنقول إن لقوة النص مع قدرة المخرج والممثل لهم مجتمعين تأثيرا هاما على تقديم عمل مونودراما، يكمل بعضه البعض.