ربما من أكثر ما ينغص عليّ الحديث مع بعض الأصدقاء في العالم الأزرق اللهجة العامية التي يستخدمونها، مع إصرارهم عليها لأنها حسب ما يرى البعض منهم أكثر قدرة على التعبير، وبغض النظر عن هذا الرأي غير الصحيح لكن أجد نفسي اليوم ومن باب الأمانة التي يجب أن تكون أن استخدم بعض المفردات والتعابير التي تدور كل يوم في حافلات النقل.
التوقيت الساعة الثانية عشرة والنصف، مقابل مشفى المواساة حيث مواقف حافلات الدوار الجنوبي أكثر من حافلة تقف تنتظر الدور، بضعة أشخاص لا يجدون مقاعد، تتحرك الحافلة وفق خط سيرها المعتاد شعرت بشيء من الفرح، الحافلة غير مزدحمة، ولماذا تزدحم وهناك أكثر من حافلة تنتظر بعدها، ولكنها فرحة لم تدم طويلاً، ما إن وصلت الآداب حتى كان الأمر مختلفاً تماماً، عشرات يتدافعون نحو البابين الخلفي والأمامي أيضاً، الصوت واحد (يا شباب لجوا، الباص فاضي، يا شباب لقدام، الباص فاضي).
أنظر إلى العشرات وقد تراصوا تماماً والكل يريد أن يصل، امراة تهمس (ما حدا بيوقف لحدا) ماتت النخوة، ربما تكون عبارتها صحيحة ومؤلمة، ولكن لا يمكن أن تحل مشكلة العشرات ولو قام الجلوس لكل السيدات الواقفات.. تقترب الحافلة من دوار الجمارك يزداد العدد على الأبواب، لكن المعاون يصرّ على إغلاقه و يتنطح له من لا يريد ذلك، بصوت قوي:(مبارح راح واحد تاني).. نعم تحدثت الأخبار عن ضحية جديدة من ضحايا محاولات الحصول على موطئ قدم للوصول إلى البيت، من يتابع المنظر يشعر بالأسى والحزن لما يجري، قد يقول قائل: لا توجد وسائل نقل، ربما ولكن الحقيقة إنها موجودة، ولكن أين وكيف، وماذا تفعل، ومن المسؤول؟
شخصياً لا أستطيع لوم سائق حافلة، الكل يريد أن يكون داخلها، والكل يهجم دون مراعاة لأبسط قواعد الأمان، المهم مقعد.. وكم آلمني أن أقرأ على مواقع التواصل أن سيدة قذفت بطفلها من الأرض إلى داخل (السرفيس) ليسقط الطفل أرضاً.
من المسؤول، وكيف، موت مجاني، مشاهد مؤلمة، لا الفصحى تعبر عنها، ولا العامية، ولا معنى للفصاحة هنا أمام هول ما نراه.
ببساطة: عاقبوا الحافلات التي لا تعمل، نظموا الدور، خففوا من طمع وجشع السائقين.. كفانا ضحايا تحت العجلات من يتحرك، من يفعل..؟