نجح السوريون في الانتشار في أغلب دول العالم بعد أن فرضت عليهم ظروف الحرب الهجرة واستطاعوا أن يحققوا نجاحات باهرة في مجال الأعمال والاستثمار لدرجة أبهروا فيها العالم أجمع، حتى أن أغلب الدول تلقفت هذه الفرصة الثمينة التي جاءتهم على طبق من ذهب وتعاملت بذكاء شديد حيث قدمت التسهيلات والمزايا التي ساهمت في إنجاز استثمارات ضخمة كانت سورية واقتصادها الوطني في أمس الحاجة إليها ولكن كيف ستنتهي هذه القصة…؟
ماحدث في لبنان تجاه أموال السوريين المودعين في مؤسساته المصرفية من حجز لتلك الأموال مع غياب مصير تلك الأموال درس يجب أن ينتبه له السوريون في الدول الأخرى، فحجم الأموال السورية المودعة في مصارف لبنان تقدر بأكثر من ثلاثين مليار دولار ذهبت هباء منثورا وهي ضربة قاسمة لأصحاب تلك الأموال بالدرجة الأولى إضافة إلى الاقتصاد الوطني الذي خسر هذا الحجم من الأموال..
مايجري في مصر اليوم مقلق للسوريين عامة، خاصة هؤلاء الذين بادروا أيضاً في إشادة استثمارات ضخمة في مصر حتى أن حجم الأموال السورية فيها يقدر بأكثر من مئة مليار دولار، وإذا فكرنا بمنطقية نجد أن عودة هذه الأموال وخروجها من مصر أمر في غاية الصعوبة وربما مستحيل وفي الوقت ذاته فإن بقاء السوريين هناك واستمرارهم أمر أيضاً غير مضمون ولا منطقي فمصير هؤلاء أن يعودوا إلى وطنهم الأم مهما طال الزمن وتغيرت الظروف لنواجه المخاوف حول مصير تلك الأموال…
المطلوب اليوم من الجهات المعنية أن تبحث عن حلول عملية ومنطقية لتشجيع السوريين في الخارج للعودة إلى وطنهم الأم بشكل اختياري ومن منطلق نابع من القناعة والرضا، وهي مهمة ليست بسيطة ولا سهلة خاصةً أن مايجري حالياً في الداخل من سياسات اقتصادية وإجراءات غير مطمئن بدليل أن الكثير ممن بقي في الداخل من أصحاب الأعمال يفكر حالياً بالخروج ليحذوا حذو من سبقهم بعد التضييق المالي والإداري الذي يمارس عليهم من قبل الجهات المعنية في تأمين الإيرادات في هذه الظروف الصعبة التي نواجهها حالياً…
في علم الاقتصاد هناك أهداف قريبة وأخرى بعيدة واليوم يبدو أن لا أحد يفكر بالبعيدة، والخبراء الاقتصاديون يدركون أن العمل على تحقيق الأهداف البعيدة عبر تكريس الثقة ومنح المزايا والإعفاءات من شأنها أن تؤسس لنتائج أفضل وأعمق في حين أن السياسة الضريبية الجائرة التي تمارس اليوم ربما تنجح في تأمين ماتحتاجه الدولة من إيرادات وموارد ولكنها في حال استمرت من شأنها أن تحقق ضرراً كبيراً لا يمكن تفاديه فهل من معتبر…؟
أما بالنسبة للسوريين في الخارج نقول لهم احذروا وحاذروا وتنبهوا فما حدث في لبنان من شأنه أن يحدث في دولة أخرى وكما قيل المرء في غير وطنه لا جذر له فابحثوا عن جذوركم وارعوها…