لوحات نادرة لرواد الحداثة في صالة دمشق.. تثير الجدل عن انعطافات ومفاصل التشكيل

أديب مخزوم:
يمكن إعتبار معرض “عيون سورية” الذي تقيمه غاليري دمشق، من أهم المعارض، التي تشهدها دمشق في موسمها التشكيلي الحالي، وذلك لاحتوائه على لوحات نفيسة ونادرة ( بقياسات مختلفة ) لبعض كبار رواد الحداثة التشكيلية الراحلين.

وهم: نصير شورى وفاتح المدرس ومحمود حماد ونعيم إسماعيل ولؤي كيالي ومروان قصاب باشي ونذير نبعة، كما يتضمن لوحات لبعض الفنانين المخضرمين البارزين وهم: سعد يكن وبهرام حاجو وعلي مقوص وفؤاد دحدوح وحمود شنتوت وأحمد معلا ونزار صابور، ومعظم هؤلاء تتلمذوا على أيدي بعض رواد الحداثة المشاركين هنا، ولوحات الرواد المعروضة تنتمي إلى مراحل هامة من تجاربهم، وتلك المراحل شكلت انعطافات وتحولات ومفاصل في التشكيل السوري الحديث والمعاصر.
ولقد أشرت في زاويتي الإسبوعية السابقة بأن لوحة نصير شورى المعروضة، تنتمي إلى مرحلته التجريدية، التي تجاهلها النقاد، حيث ركزت مجمل الكتابات على لوحات شورى الإنطباعية، ولوحات مرحلته الأخيرة التي جسد فيها الطبيعة بمساحات لونية شاعرية، والتي أمتدت حتى رحيله، وهكذا جاء هذا المعرض ليسد ثغرة من مراحل تحولات فن الشورى، وليلقي الأضواء على مساهمته في ظهور التشكيل التجريدي، الذي سبقه إليه رائد الفن التجريدي الحروفي الأول محمود حماد، الذي نجد له لوحة نادرة أيضاً، في هذا المعرض من مرحلته التجريدية الحروفية.


ولوحة فاتح المدرس المعروضة توضح خطه الأسلوبي، الذي ترك تأثيرات واضحة ومباشرة عند مجموعة من الفنانين، حتى أن بعض هؤلاء حاولوا تقليده، فجاءت لوحاتهم، مفتعلة وتفتقر إلى الحس الطفولي المطلق، الذي تميز به فاتح المدرس في كل مراحله وتحولاته، ولقد ظل عند إشارت العناصر والأشكال ( كما في لوحته النادرة المعروضة ) ولم يكن يرغب بالوصول إلى حدود التجريد المطلق والخالص.
ولوحة نعيم إسماعيل المعروضة تجسد أم وطفلها، وهي من أعماله التي مثلته ومنحته خصوصية، قادمة من إيحاءات الإحساس المتواصل بالبنى الزخرفية العربية، التي بقيت مطبوعة في مخيلته، وظاهرة في لوحاته حتى لحظة وفاته، فلوحاته تشكل بانوراما مستعادة من ذكريات العيش في القرية والريف السوري برؤية خاصة وحديثة ومرتبطة بعناصر التراث، ولقد امتلك القدرة الإبداعية ووصل إلى ملامح تشكيلية جديدة، تجاوزت المنظور الواقعي التقليدي، وقدمت العناصر الزخرفية ضمن الأشكال المرسومة ( وهذا ما نجده في لوحته الكبيرة المعروضة ) مع إعطاء أهمية لعفوية اللمسات اللونية المسكونة في أحيان كثيرة بالتأمل العقلاني والعفوي معاً.
أما لوحة مروان قصاب باشي فهي تعطينا فكرة عن اقتراب بعض مراحله من الواقعية في خطوات تجسيد الوجه، ولقد كان الوجه أحد رؤى مخيلته دائماً، حيث وجدنا تحولاته من مرحلة الإقتراب من الواقعية، إلى مرحلة تبسيطه وإدخاله في خلفيات اللوحة التجريدية، والمرحلة التبسيطية في فنه، جاءت إثر نزعة جمالية متطورة أكدت حيوية التواصل مع حقيقة تعبيرية تسكن جوهر الفنون الحديثة.
أما لوحة نذير نبعة، فهي من مرحلة سبقت مرحلة الرسم الواقعي والرمزي التي عرف بها، لأنه خلال وبعد دراسته الأكاديمية بحث عن إشارات عفوية وتبسيطية، حتى أننا نستطيع أن نكتشف، تعددية لأكثر من ثلاثة اتجاهات واضحة، ظهرت في تنويعات أعماله التي قدمها بعد مرحلة دراسته في القاهرة وباريس.
ولوحات الزهور في فن لؤي كيالي، لم تكن سوى فسحة للإنفلات من حالات البؤس والإضطراب التي عاشها وجسدها في أكثرية لوحاته، حيث أدخلنا في جوهر المعاناة الإنسانية عبر تركيزه على الناس البسطاء، ولا سيما الأطفال الذين يعيشون مأساة كاملة .
لوحات القسم الثاني المعروضة لبعض أسماء رعيل الخلافة، تشكل هي الأخرى مناسبة للحديث عن جانب حيوي من التشكيل السوري المعاصر، ومن الصعب الإحاطة بجماليات وتعابير كل لوحة على حدة في مقالة واحدة، مع العلم أنني رافقت معارض أسماء القسم الثاني، وقدمت قراءات تحليلية لا حصر لها لهم خلال أكثر من ثلاثة عقود، وبالمختصر المفيد لا نبالغ إذا قلنا بأن هذه الأسماء، ساهمت وتساهم في إغناء المشهد التشكيلي السوري، وتعطي صورة نموذجية ومشرقة عن تياراته واتجاهاته في معارض تقام في داخل سورية وخارجها.

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر