الثورة – علاء الدين محمد:
رغم تعدد طرق النقد والاختلاف في الأسلوب إلا أن الرؤى توحدت للنقاد الثلاثة وتقاطعت على الجرأة الطافحة في المجموعة الشعرية (الروناليزا) للشاعرة رنا محمود.
التي قدم قراءة نقدية فيها كل من د. عبد الله الشاهر، د. عادل فريحات والشاعر جابر الطويل في ثقافي كفر سوسة بدمشق.
بداية توقف الدكتور عبد الله الشاهر عند العنوان حيث أشار إلى أنه جريء ولافت للانتباه وهو اختيار فيه من الطموح ما يحيل إلى الحلم وفيه من المشروعيه ما يجعل من حقنا أن نرتقي والنموذج الذي اختارته الشاعره أنموذج غايه في الشهره والذيوع والمثير في الأمر أن العنوان جاء على وزن الأنموذج الموناليزا وروناليزا وهذا ذكاء شاعره أخذت من فنها التشكيلي اسماً لفنها الشعري يطابقه لغة ولربما اصطلاحاً.
وهي التي تقول في قصيدتها التي جاءت تحت عنوان (لغز الروناليزا)
أنا هنا.. سليلة السنا
وليدة الشمس والقمر
هما رسماني بوميض اللوم
المغسول بشعرية لوحة الخلق
بهذه القصيدة تعرفنا الشاعرة من هي الروناليزا وما هو لغزها والأسرار التي تحملها وراء ابتسامة المعنى، فليس كل ابتسامة ذات نوايا طيبة، فقد تكون الابتسامة هذه قاتلة.. لأن خطوط وجه الأنثى تسقط اللغات فتحتار في تفسيرها، فلا معادل لغوي لها.
وتوقف الناقد الشاهر عند الموضوع.
موضوع المجموعة الشعرية هو موضوع واحد وقد جاء تحت عنوان الحب، وهذا الموضوع ينقسم إلى قسمين من حيث الشكل والمضمون.
أما في موضوع الشكل فإن نصوص المجموعة تندرج تحت عنوانين رئيسيين هما القصيدة الموضوع وهذه قصائد مطولة تودع فيها الشاعرة مجموعة من الأفكار والمفاهيم والصور بحيث تكتمل القصيدة حتى تصل فيها الشاعرة إلى رأي واضح، كما في قصيدة (حب مقارن و إلى حواء، وأعوذ بالخبز وقاسيون والبحر وعلى قيد الحنين…الخ) وهذه القصائد غالباً ما تتحدث عن حب الوطن أو عن واقع اجتماعي أو عن عادات وتقاليد..الخ.
أما القصيدة الفكرة فهي مقطوعة شعرية جاءت بفكرة واحدة وهي بمفرداتها وفي جميع هذه المقطوعات والتي بلغت في المجموعة ثلاثين مقطوعة لا تتجاوز مفردات أي منهن الثلاثين كلمة، وقد شغلت هذه المقطوعات ما يقارب ثلث المجموعة.
-نفس جديد-
أما الدكتور عادل فريحات أعرب عن سعادته في قراءة المجموعة الشعرية ( الروناليزا) نفس جديد لقصيدة النثر، تميزت بها الشاعرة رنا محمود، وصراحتها تجاوزت الكثير من الحدود في العادات والتقاليد… حيث تعاملت مع اللغة بطريقة فيها بنية متضاده، يمكن مقارنة هذا الخط بشعراء من عصور مختلفة جاهلية، عباسية، معاصرة، وفي تراثنا شيء يسمى بالغزل المكشوف وهذا قد يلقى استحساناً من بعض القراء، وقد لا يلقى من البعض الآخر.
المجموعة الشعرية تدفعني للمقارنه بين الكاتبة وبين مي زيادة في حبها لجبران خليل جبران، لأهميتها ولما تشكله من قراءات متعددة للمتلقي.
في المجموعة ظاهرة التضاد تجد الكاتبة تثور تغضب تتحول إلى بركان لكنه بركان الحب الخير الحرية.
وأما صورة الغلاف تشبه المونوليزا.. النظرة محيرة، أشعلت النقاد.. ساخرة، فرحة، تنظر إليك من كافة الجهات، والنظرة تعطي معنيين متضادين.
بينما الشاعر جابر الطويل رأى أن المونوليزا عنوان لافت، يفتح أبواباً لأسئلة كثيرة، وكما نعلم العناوين عتبات، عنوان المجموعة عتبة البيت الكبير، وعناوين النصوص عتبات الأبواب الفرعية، العنوان يشي بالموسيقا.. بالإيقاع وهذا لا تتطلبه قصيدة النثر، في العنوان ثمة مسائل عديدة الإيقاع، استحضار صورة النسق الفني المتكامل، بروز الأنا حتى في تشكيل الحروف.
وعن صورة الغلاف كان الشاعر جابر يفضل لوحة تشكيلية يأخد منها المتلقي ما يريد.
وفي نهاية الندوة اختار قصيدة قصيرة جداً تحت عنوان (تفاح) من المجموعة الشعرية
خلق الإنسان من طين وماء
وخلقت أنا من شهد وتفاح
قصيدة موجزة، مثيرة، مضيئة في الإشراق.. لكنها ليست مجانية.