العواطف هبة الله للبشر التي تملأ قلوبنا، وتصنع جوهر شخصيتنا، وتحكم تفاعلنا مع العالم من حولنا.. لذلك كان لها دورها المهم في تفاصيل حياتنا لتأثيرها الكبير علينا، وهي تتلون بين السلب والإيجاب، فهي المحفز لسلوكنا، وما يتحكم بتصرفاتنا، ويحدد ردود أفعالنا حيال الأحداث، وسلوكنا تجاه الأشخاص المحيطين بنا.. وعلى الرغم من أن العواطف يمكن لها أن تكون إيجابية كالفرح، والتسامح، والتفاؤل، والحب وتشجعنا على النمو والتطور، وتعزز العلاقات الاجتماعية السوية، وتساعد على التعامل مع الصعوبات، والتحديات في الحياة بشكلٍ أسهل، وأكثر فعالية.. فإنها سلبية على الجانب الآخر عندما يتم التعبير عنها بالغضب، أو القلق، أو الحزن، أو العنف لتؤدي بالتالي إلى سلوك غير مرغوب فيه قد يتجلى في التجني على الآخرين، أو الانسحاب من المجتمع، إذ أنها تتأثر بالعديد من العوامل مثل الظروف الاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والوراثية، إلا أن من الناس مَنْ يحاولون التخلص من عواطفهم، أو إخفائها، إذ أنهم يتمتعون بالقدرة على التحكم فيها بشكل كبير. ومع ذلك، فالحقيقة هي أن العواطف تحكمنا، وهي جزء لا يتجزأ من طبيعتنا البشرية. ونظراً لارتباطها بصحتنا النفسية، والعاطفية كان من المهم التعرف إليها، وإدراك أهميتها، وكيفية التعامل معها لتحقيق الرضا عن الذات، والسعادة في الحياة بغاية تحسين جودتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن شدتها، ومدى تقلبها أمر يتفاوت بين شخص وآخر، وتجدر الإشارة هنا إلى أن التحكم في العواطف لا يعني التخلص منها بالكامل، بل يعني تعلم كيفية التعامل معها بشكلٍ صحيح، وفعّال، والتعبير عنها بشكل إيجابي بالتركيز على الجانب المشرق من الأمور للتخفيف من حدتها، وتهذيبها، والتقليل من التوتر العاطفي، والقلق، وذلك يتطلب الصبر، كما التدريب، والتطوير المستمر لمهارات التحكم في العواطف.. فإن لم نفعل فلربما أفسدنا كثيراً من علاقاتنا، وأحلامنا مع آمالنا. لا نستطيع أن ننسى الضغوط النفسية التي تجعل عواطفنا تضطرب لتفسد علينا مزاجنا، وهدوء أيامنا وسلامتها، وتدفع للبحث عن دعم اجتماعي لتجاوز الأزمة، إلا إن التفكير الواعي المنطقي، والموضوعي الذي يقوم على التحليل، وفهم العواطف التي يشعر بها المرء يفعل فعله الإيجابي في ضبط السلوك بعيداً عن الانفعال، والتهور. وإذا كان التحكم بالعواطف لا يمكن أن يتحقق بشكل كامل لأنه ليس بالأمر السهل، فإن التحكم بردود الأفعال الناتجة عنها يمكن له أن يتحقق بدرجة عالية إذا ما عمل المرء على تنمية ذكائه العاطفي بالتحليل الذاتي العميق للمشاعر، والتفكير النقدي، والتقيّد بالمبادئ الأخلاقية، والإنسانية، ليحسن التعامل مع نفسه أولاً، ومن ثم مع الآخرين بعيداً عن الانفعالات السلبية، والتوتر المؤثر على العلاقات، ولتعزيز القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في الحياة. إن تعلم المرء من أخطائه، وتعلمه كيفية التعامل مع عواطفه، ومشاعره بشكل صحيح، وتركيزه على الحلول بدلاً من الشكوى، والانتقاد ما يعمل على التعبير عن الرغبات، والاحتياجات بطريقة إيجابية لينعكس ذلك بالتالي هدوءاً على النفس، ورضا عن الذات.. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العمل على تطوير المهارات الاجتماعية، وتنمية الذكاء العاطفي يمكن أن يساعدا على التحكم في ردود الأفعال الناتجة عن العواطف، وتحسين جودة العلاقات الشخصية، والعملية، ولينعم المرء بالتالي بحياة أكثر سلاماً، واستقراراً. فما بالنا بما يؤثر في مشاعرنا وعواطفنا بشكل مباشر سواء من خلال الفن، أو الأدب، أو السينما ألا يجدر بنا أن نرصدها أيضاً، ونفهمها، ونوظفها كمصدر إلهام لنا يجعلنا أكثر تفتحاً، وبعداً عن الأفكار الضيقة، وذلك لما للفنون جميعاً من تأثير في ترسيخ القيم، والمعاني الإيجابية، وصقل الوعي الإنساني، ما لم تنحرف هذه الفنون على المقصد الأساسي منها والهدف الأسمى لها.