متى اهتدى الإنسان إلى صنع أول المرايا.. هل كان ذلك بعد أن استطاع أن يفسر انعكاس صورته على سطح الماء أو أحد الجدران الصقيلة؟.
ربما حدث ذلك قبل آلاف السنين، ولكن كيف ومتى لا نجد إجابات قاطعة، وإن كانت أسطورة النرجس أو نرسيس تقدم جماليات أولية في هذا الشأن أقول جماليات لا معلومات.
جمالياتها في الانحناء نحو الأرض وعبق الطيب وجمال التكوين الذي يترافق مع الأسطورة التي تعرفونها.
بكل الأحوال أمس في مكان العمل زميلة بمقتبل العمر دخلت المصعد واستخدمته من طابق لآخر..
قلت ممازحاً: مازلت في ريعان الشباب من أجل طابق واحد ؟
أدهشني الجواب الجميل الذي يتفق مع طبيعة الأنثى: أنا استخدمه من أجل المرأة الموجودة فيه أنظر إلى نفسي قليلاً..وبالتأكيد تقصد تفحص أناقتها..وإن كان الجواب يوحي أنها تشعر بصفاء الروح ونقائها فجوابها لم يكن مخاتلاً..بل ببراءة نقية.
ذهب بي الخيال إلى استذكار رواية نجيب محفوظ (المرايا) وفيها أكثر من ٥٠ شخصية يحلل الروائي أعماقها من خلال مرايا الذات..أو أليس الضمير أهم المرايا.
ترى ماذا لو كنا نستخدم مرايا الذات كل يوم بجلسة صفاء وجردة حساب.. ألا نصل إلى لحظات توازن وقدرة على تصحيح بعض ممارساتنا؟.
أظن أن المثل الشعبي الذي يقول: (نيال من ينام دون تأنيب ضمير) اصقل المرايا وأجملها.
وليس ذنب المرايا إن كانت الصور مشوهة فالأمر ليس إلا انعكاساً لنا.. وكل مساحيق الدنيا لا تستطيع أن تحمل مرايا النفس ولا بد أنها سوف تجد طريقاً للخروج بتشوهاتها أو جمالها.
وهل تعرفون أن أحد أسماء المرايا هو السجنجل…ألم يقل الشاعر الجاهلي: مصقول عوارضها كالسجنجل.