لغزة أبجدية خاصة تكتب فيها سطور عزتها بحبر الدم وحروف المقاومة، فالدم والبندقية صنوان في معادلة الثبات والتشبث بالهوية،لاستعادة حقوق مشروعة وصون عدالة القضية الفلسطينية من مؤامرات التصفية.
يدرك الغزيون توحش عدوهم مثلما يدركه الفلسطينيون على اتساع مساحة وجعهم في وطنهم المحتل، إذ لطالما خبروا تعطشه للقتل منذ النكبة، ولطالما تلقوا بصدورهم العارية فائض إجرامه و دمويته.
لكن البحر الذي لم يبتلع غزة كما أراد إرهابيو الكيان علم أبناءها الصلابة والثبات، فتمكنوا من السباحة عكس تيار المشيئة الصهيونية والإبحار على متن زنود الإرادة والتصميم صوب التحرير المرتقب، وعلمهم فقه المقاومة فباتوا قادرين على تلاوة بيانات بطولاتهم في معارك المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
في غزة التي يصب العدو جام حقده ووحشيته عليها يسير أبناؤها وفق متلازمة مجابهة العدو وإيلامه، فالمقاومة ليست خياراً استراتيجياً فحسب لرد الظلم والعدوان بل نهج أثبت صوابتيه بفرض معادلة الردع والمواجهة رغم اختلال موازين القوة بين الإمكانات المتاحة للمقاومين وترسانة السلاح الفتاك التي يمتلكها العدو وأسناد أميركا ومحور الشر العالمي له.
شلال الدم المراق في غزة النافر من شاشات على اتساع الرقعة العالمية تتابع هول المذبحة، يظهر فداحة العجز الأممي عن بتر ذراع من يفقأ بمخرز طغيانه النور في أحداق الطفولة ويخرج متباكياً على مقاومة ضحايا إرهابه لفائض عربدته الوحشية.
ليس صمماً في الأذان الاميركية الغربية عن سماع مناشدة المنظمات الدولية ومنها منظمة الصحة العالمية من أن الوضع في غزة “يقترب من أن يكون الأحلك في تاريخ البشرية” أو نداءات أمين عام الهيئة الأممية لتلافي الكارثة الإنسانية التي تبلغ ذروتها، بل هو التواطؤ المفضوح في مجازر الإبادة وانخراط غربي معلن لا تسوغه تبجحاتهم السافرة في حق محتل بقتل أصحاب الأرض وإدانتهم إذا ما قاوموا مخرز إجرامه وطالبوا بحقوقهم، الأمر الذي تؤكده تصريحات أركان حرب الاحتلال”الأميركيون لا يطالبوننا بإيقاف الحرب فهدفنا واحد” إلا تأكيد على أن أميركا من يشحذ لإسرائيل سكاكين ذبح شعب متشبث بأرضه ولا يساوم على حقه الأزلي.