الثورة _ فؤاد مسعد:
في ظل الوجع اليومي ومتابعة ما يجري من أحداث في غزة، وقصف مستمر يطول حتى الأطفال والنساء الذين تحولوا إلى هدف مباشر لجيش الاحتلال الاسرائيلي، تبرز حناجر حرة تسعى في كل مكانٍ إلى رفع الروح المعنوية، ففلسطين أرض الآباء والأجداد ولا تفريط بالقضية، بهذه الروح تعود مجموعة من الأغنيات الوطنية إلى الواجهة، والكثير منها كان قد حفر له على مر الزمن مكاناً متقدماً في القلب والوجدان، لأنها لا تموت وتحمل سمات البقاء فترسخت في الذاكرة، يرددها الجميع لما تحمله من معاني خالدة مُتجددة تسمو بالإنسان وتمجد التضحيات التي تُقدم من أجل الوطن، تؤكد على عروبة فلسطين التي يرخص أمامها كل ثمين، مشددة على قيم فيها الكثير من النبل والرفعة والشموخ والأنفة والإباء.
ويمكن القول إن هذه الأغنيات كانت في العديد من الأحيان أشبه بالسلاح، هي سلاح الكلمة واللحن، فشحذت الهمم وحملت على عاتقها فعل المقاومة والنضال والصمود ومناهضة المستعمر، التقطت في الحروب والشدائد والانتصارات مفردات الواقع لتنسج منها أغنيات تترجم اللحظة بحميميتها وعمق صدقها، حاملة هماً وطنياً صريحاً وواضحاً فوصلت إلى كل الناس وتفاعلوا معها، والشواهد كثيرة، منها على سبيل المثال نشيد “موطني” للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان ولحنه محمد فليفل، “زهرة المدائن” و”وطني” لفيروز والأخوين رحباني، “أصبح عندي الآن بندقية” لأم كلثوم من كلمات نزار قباني وألحان محمد عبد الوهاب، “خلي السلاح صاحي” للراحل عبد الحليم حافظ من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، وأغنية “يرحلون ونبقى .. والأرض لنا ستبقى” لجوليا بطرس وهي من كلمات نبيل أبو عبدو وألحان زياد بطرس، كما غنى الراحل صباح فخري قصيدة الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود بعنوان “حكاية شهيد” وقام بتلحينها الراحل سهيل عرفة ويقول مطلعها “سأحمل روحي على راحتي.. وألقي بها في مهاوي الردى”.
مما لا شك فيه أن الأغنية الوطنية استطاعت عبر المراحل المختلفة أن تلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي الجماهيري وإلهاب المشاعر واستنهاض الهمم، ولاتزال تؤدي هذا الدور لما لها من مكانة في نفوس الناس، واليوم تسهم مرة أخرى في رفع المعنويات لتشكل في أحد أوجهها داعماً لمن يرزحون تحت سلطة الاحتلال الغاشم.
التالي