لم يكن مخفياً ما أعلنه وزير حرب أميركا لويد أوستن أن “الدعم الأميركي لأمن إسرائيل لا يتزعزع، إسرائيل ليست وحدها” رغم كل أنهار الدماء المراقة في غزة على مذبح الهوية والتجذر بالأرض ورفض ضيم الاحتلال والتي تلطخ وجوه القتلة المجرمين بعار التواطؤ المخزي، فانخراط أميركا بالجرائم الوحشية مثبت، تفسر غاياته طبيعة المرحلة الأكثر من مفصلية بتداعياتها عليها قبل العدو الصهيوني.
فليس لأي متمعن بأبعاد رفض أميركا وقف العدوان المتواصل على غزة أن يتوقع أن يدلي أوستن أو أي من إدارة بايدن بغير هذا الفجور مؤكداً المثبت فعلاً، ففي الحرب على غزة لا يواجه الغزيون كيان الإرهاب بترسانة أسلحته ووحشيته فقط، بل يواجهون أميركا ومعها ثالوث الشر العالمي الذي يمد جسراً جوياً لتسعير حرب الإبادة في غزة.
فالدعم الأميركي للعدو الإسرائيلي وكثافته والغاية منه ليس فقط الخشية من هزيمة نكراء حاصلة لـ”اسرائيل”، لكنه فزع أميركا من انتزاع مسمار إرهابها الأكثر شراً من جدار المنطقة في وقت يتسارع فيه التغيير العالمي نحو تعددية قطبية ولمنطقتنا دور استراتيجي محوري في تعزيز هذا التغيير.
خيوط لعبة الهيمنة على المنطقة بدأت تتفلت من الأصابع الأميركية، وهذا يدركه أركان حروبها ويشكل ذعراً متنامياً لديهم،فواشنطن عالقة في رمال انحسار قطبيتها تتخبط للخروج من مآزقها بتوسيع رقعة العدوان إقليمياً.
لأجل ذلك وأكثر فإن صمود غزة وانتصار مقاومتها هو انتصار للمنطقة ووأد لمخططات التمزيق والتخريب والأهم هزيمة للمشروع الأميركي الصهيوني.
تقامر أميركا مجدداً وتفرد أوراق تصعيد محترقة على طاولة الميدان ودخانها يعمي بصائر حكامها عن أن ما يلهثون لمنع حدوثه حاصل لامحالة، فنار الغلو الإجرامي ستحرق أصابع المعتدين، والشرايين المقاومة التي تشحذ واشنطن سكاكين تقطيعها ستبقى متصلة، ودماء الغزيين الطاهرة ستضيء قناديل التحرير وتمهد لاقتلاع أشواك الشر من منطقتنا.