لعل اقتراب شهر الصوم من حياتنا بفارق عشرات الساعات كان المحفّز الأول على كتابة هذه المادة، نظراً لما يرافق الشهر –وهو منه براء- من غلاء وفحش في الأرباح واستغلال للمواطن من الجميع بدءاً من التاجر بجشعه وأرباحه وصولاً إلى الرقابة التموينية والتكاليف الضريبية بلا مبالاتها.
لو اقتصر الأمر على الغلاء وحسب لهانت المصيبة، ولكن أن يتم تغيير الواقع بتصريح وتجاهل معاناة المواطن فذلك أمر غريب، حيث خرج علينا المركزي منذ يومين متحدثاً عما يلحظه المواطن من انخفاض في أسعار المواد وأولها مادة الفروج، وهو أمر مستهجن وبشدة لأسباب عدة ويمكن اعتباره نموذجاً معيارياً عن وضع السوق وآلية التعامل معه من باب القطع وتوظيف عائداته من التصدير..
لا شك أن المواطن لحظ انخفاض سعر الفروج منذ نحو خمسة أيام، ولكنه انخفاض لا علاقة للاتفاقات مع القطاع الخاص بشأن عائدات قطع التصدير به، لأن المسألة وببساطة أن المربّي لم يعد مع استقرار الطقس ودفئه، لم يحتج المازوت لتدفئة الصيصان، وبالتالي تراجعت تكلفة العنصر الأهم في النفقات، فقد بلغ سعر الكيلو غرام الواحد من شرحات الفروج يومها 57 ألف ليرة سورية، ليعاود بعد ثلاثة أيام الارتفاع وصولاً الى 68 ألف ليرة بارتفاع بلغ 11 ألف ليرة في ليلة واحدة نتيجة برودة الطقس مجدداً.. فأين الانخفاض الذي لحظه المواطن؟
ثاني النواحي في نموذجنا هذا هو باقي المواد، حيث يمكن وبكل ثقة للمواطن ان يؤكد أن أياً من أسعار المواد لم تنخفض مهما كان اتفاق أيا كان مع القطاع الخاص ولم يلمس المواطن او يلحظ أي من هذه الانخفا ضات التي لا نعرف عنها شيئاً، اللهم باستثناء أنها الغائب الأهم على طول الخط فارتفاع سعر الصرف يعني ارتفاع سعر المواد وانخفاض الصرف يعني حكماً ارتفاع المواد كذلك.. والأسباب مجهولة!.
لعل الدراسات المبنية على وقائع السوق وواقعه أفضل وأكثر جدوى بألف مرة من مجرد البحث بين الأرقام والتعامل مع معطيات صمّاء لا روح فيها، وبغير ذلك لعل الأفضل عدم الحديث عما يجري في السوق وتجاهل الأمر أسوة بكل ما يتم تجاهله من امور مشابهة!
