أكتب كريماً وليس كريمة لأني أعنيه تماماً شهر تعودنا أن تكون صبغته كريماً، رمضان ليس للجوع والعطش فقط.. هو كريم إن ارتدى رواده بقناعة ثوب الإنسانية طائعين..
إن تجرد صائموه من زهو الحياة شاعرين بجوع الذين أغلقت عليهم الأبواب يسمعون قرع طبلة (المسحر)، ولم يفطروا بعد إلا على كسرات خبز وشربة ماء يعلنون فيها انتهاء ساعات صيامهم.
يصبح الشهر كريماً عندما يخفف التجار من غلوائهم وغلاء الأسعار على بضائعهم ولو كان بهم خصاصة.. ليتمكن الرجل من الدخول على أولاده ببعض ماتشتهيه نفس طفل صام يومه منتظراً المغرب ليفرح بما أحضره الوالد..
الشهر كريم عندما تندمل معاني النفاق على الألسن؛ لتسمو الروح في ملكوت شعيرة فرضت لترقى وتصل عبادة الصائم بربه.. كريم عندما يقرع محتسب باب أيتام ليودع مما رزقه الله بنفس راضية، قاصداً وجه رب كريم.. عندما يبتعد لصوص جيوب الفقراء وسارقي لقمتهم عن جشعهم ودناءة كروشهم التي لا تشبع.
كريم عندما يتوقف فجور القتل والإبادة بتحرك وضغط المسلمين على محتل يتجرع دماء الأبرياء.
كريم الشهر فضيل بعفة الدعاء والتضرع طلباً لمحو الذنوب عن الصمت القاتل، برفع الصوت لإحقاق الحق ورفع الحيف عن شعب محاصر حُرم من طعام يفطر عليه الصائم.
يغيب كرم الشهر بين السمسرة والجشع واستغلال حاجة الناس واستشراء الفساد الذي أصبح أمراً عادياً بين البعض بحجة ضيق العيش.
هل للصائمين الترفع عن المفاسد التي تبطل عظمة الشهر الفضيل لنقول بحب يملأ قلب الصائم الحق، رمضان كريم.
حين يصبح الصيام نظاماً مفعماً بنفحات الإنسانية والتآخي ولا (تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها) واقتسام المودة وإفشاء السلام والكلمة الطيبة صدقة، ومن غشنا ليس منا.. والحلال بين والحرام بين.. والبعد عن الشبهات.. ورحم الله امرءاً جب الغيبة عن نفسه.. فلا فسق ولا فجور، ولا تنابز بالألقاب،وإماطة الأذى.. عندها تظهر عظمة الشهر الكريم مع ألسنة تلهج بالدعاء الصادق والعمل الصالح والكلمة الحق والقلم الناطق.. تتجلى عندها مكارم الشهر الكريم أتمه الله بالخير والنصر ورفع الشدائد ودمتم في أيامه صائمين.