كل يوم أو على الأقل بشكل شبه يومي، تطالعنا الجهات العامة ببشائر لا نتمناها عن زيادة في أسعار الخدمات المجازية التي تقدمها لنا، رغم أنها لا ترقى إلى مستوى الخدمات الحقيقية، أما التبرير الأجمل والقاضي بالزيادة للحفاظ على جودة الخدمة فلم يعد موجوداً، بل تطور بجرأة غير معهودة، إذ لم يعد يقال لضمان جودة الخدمة، بل بات يوحي بعبارة “لاستمرار الخدمة”، في وقت يتساءل فيه المواطن عن هذه الخدمات المقدمة وماهيتها، وهل هي خدمات فعلاً.. أم هي قشرة خدمات؟
بالإطار العام يُطلب الرسم مقابل خدمة تُقدم، وفي الإطار المنطقي يذهب نتاج هذا التحصيل إلى تطوير هذه الخدمة، وما فاض منها يذهب إلى الخزينة العامة للإنفاق على خدمات أخرى أو تطويرها، أما على أرض الواقع فالخدمات غائبة بشكل شبه كامل، وكل ما هو طبيعي وعفوي وبديهي نرى خلفه عقلية خلاقة في فرض الرسم عليه.
البارحة الخليوي والانترنت واليوم الهاتف الثابت، وضريبة تعبيد الطرق تدفع ومع ذلك ندفع ثمن ركن السيارة لدقائق على جانب الطريق، أما الأوراق في الجهات العامة فحدّث ولا حرج، فهي غير متوفرة بل نذهب ونشتريها من بسطة مجاورة لن نتهم -معاذ الله- بأنها تتبع لصاحب الأمر والنهي في المؤسسة، بل نقول بأن صاحبها شاطر يعرف كيف يستفيد من غياب الورق الحكومي، ومع ذلك ندفع الرسم على الورقة مقابل الختم.
الرواتب لا تسمن ولا تغني من جوع، ودورة رأس المال متوقفة، وإن لم يكن نتاج كل ما يدفعه المواطن يظهر في تمكين الحياة اليومية ودورة رأس المال، فلا بد أن المهارة أو الخبرة مفقودة في طريقة توظيفها بالشكل الصحيح، وعليه فما الداعي إلى الاستمرار بهذه الآلية؟
الكهرباء غائبة عن المنازل، حاضرة وبقوة في المولات والمطاعم التي يعتقد من يعتقد أنها تبني اقتصاداً أو تحرّكه، وبعبارة أخرى لم يتبق إلا المياه فهي المنتج الوحيد الذي ما زال على حاله، ولعل قادمات الأيام قد تفجعنا بالمياه وفواتيرها وإدارتها وآلية هذه الإدارة، وساعتها ما من حل أو سبيل إلا التوجه إلى الصنابير الحكومية والشرب منها.
السابق