أصدقاء مقعد الدراسة.. حين تردد الحياة صداه.. مرشدة اجتماعية: تدخل الأهل بحذر ووعي لاختيار أصدقاء أبنائهم

الثورة- رويدة سليمان:
رأيتها مصادفة بعد طول أمد، شعور عارم بالفرح والبهجة مازالت تتربع على ضفاف حياتي، تداعبني تارة وتستلقي ثانية وتستظل بأفياء روحي، لحن جميل تردد الحياة صداه في مواقف حياتية كثيرة تجد فيها الصداقة نور يبهج القلوب ويملؤها محبة وتسامحاً.
تتعدد وتتنوع مفاهيم الصداقة وعناوينها وتكثر الحكم والعبر والأمثال في الصداقات، وقد جسد الأدباء في أشعارهم حقوق الصداقة، فالصديق الحق هو الذي يترفع عن زلات صديقه ولا يعامله بما قال لسانه إذا كان على ثقة أن قلبه ثابت على المودة.
يحظى الكثير منا بأصدقاء عمل أو سفر، ويتخطى البعض حدود القرابة ليصبح صديقاً، وربما تلعب المصادفة دوراً في اختيار الأصدقاء، ولكن يبقى لصديق مقعد الدراسة مكانة خاصة ومميزة في قلوبنا، حيث جمعتنا سنوات عمر جميل وذكريات خل وفي.
تدخل إيجابي
من الطبيعي أن يجد الأبناء في الاجتماع مع الأصدقاء جواً يرضي ذاتهم، يختلف عن جو الأسرة بنوع العلاقات القائمة، ولاسيما في فترة المراهقة، ويعامل الشاب أصدقاءه بالمثل، ويتحرر من التبعية ومن مشاعر القلق وعدم الاطمئنان والتي كثيراً ما يعاني منها نتيجة رغبة الآباء في التدخل بشؤونه الخاصة والسيطرة عليها والحد من حريتها، من هنا تأتي أهمية وضرورة اختيار الأصدقاء بعناية وحرص وتدخل الأهل الحذر والواعي بعيداً عن التوجيهات والإرشادات والوعظ، إذ غالباً ما يكون تدخلهم غير محبب وأمر مزعج، وهذا ما أكده تقرير للهيئة السورية لشؤون الأسرة حول التشاور مع اليافعين بشأن علاقاتهم مع أهلهم فيما يخص اختيار الأصدقاء.
وأضافوا: يلعب الأصدقاء دوراً كبيراً في حياتنا خصوصاً في الأوقات الصعبة، ونلتقي بأصدقائنا عدة مرات في الأسبوع وأماكن التلاقي علنية ومتعددة ومتنوعة تشمل الشوارع الرئيسة والأسواق والملاعب والحدائق والمقاهي في جو من الثقة والتشارك في عمل الأشياء المختلفة والحوار والمحبة، والشعور بالاسترخاء وحب اللهو والتسلية والمرح.
أما عن المشكلات المحتملة والتي يمكن أن تنشأ، فغالباً تنتج عن الغيرة والعجرفة وسوء الفهم، وقد تؤدي إلى السباب والشتائم أو حتى الاشتباك بالأيدي والقطيعة والبحث من جديد عن أصدقاء وتبرز هنا ضرورة حسن اختيار الصديق والاكتفاء بعدد قليل.
ولفت التقرير إلى حدوث بعض الضغوط والأحكام المستبدة من قبل الأقران لأسباب خارجة عن إرادة المرء أحياناً، إذ هناك بعض الأشخاص الذين يحرم عليك التعامل معهم ومصادقتهم، وقد يكون الأمر متعلقاً بالشخص نفسه حيث يحكم عليه من خلال مظهره أو من خلال سلوك والديه وأفراد عائلته، وربما أجواء المنافسة في المدرسة والتمييز الطبقي الاجتماعي.
أجمل الصداقات
الاختصاصية في العلاقات الأسرية السيدة وفاء عبيد، تؤكد أن أجمل الصداقات هي لمقعد الدراسة حيث ساعات من اليوم يقضونه معاً يتحدثون طويلاً، ويتشاركون الطعام والمأكولات، وأيضاً يمضون أوقاتاً سعيدة في الرحلات، وكثير من الشقاوات في الصف تبقى في الذاكرة، ويكر شريط الذكريات عندما نصادف صديقاً بعد عمر طويلاً، وغالباً ما يبقى التواصل مع هذا الصديق مهما تباعدت المسافات وطال الزمن لأن هذه الصداقة مبنية على البراءة والصدق والوفاء والصراحة، وهي صفات الصداقة الحقيقية.
وعن تدخل الأهل في اختيار أصدقاء الأبناء، تحذر عبيد من فرض الأصدقاء على الأولاد لأن بعض الآباء يفضلونهم من الأقارب ومن الطبقة الاجتماعية نفسها ومشاركة الأهل تكون بمجالسة هؤلاء الأصدقاء والتعرف عليهم وعلى أسرهم- إن أمكن، ومتابعة أبنائهم والحوار معهم بشأن أي مشكلة تصادفهم بخصوص الأصدقاء، علماً أن قرار حرمانهم من أي صديق دون مبرر يسبب لهم الكآبة والتراجع الدراسي، وكثير من المشكلات السلوكية والنفسية، وربما الجسدية التي يعاني منها الأبناء عند انتقال مسكن الأسرة إلى مكان آخر وفقدانهم لأصدقائهم.