في خضم الأحداث المتسارعة في فلسطين وغزة وجنوب لبنان، تشهد منطقة شمال سورية تحركات مريبة ومشبوهة، تقف وراءها الولايات المتحدة الأميركية من خلال استراتيجيتها المتمثلة في الحرب بالوكالة، حيث تعمل على إدامة النمط الذي اعتمدته لعقود من الزمن في استخدام الجماعات الإرهابية لتحقيق طموحاتها الجيوسياسية.
ويسمح للولايات المتحدة هذا النهج بتوسيع نفوذها وملاحقة أهدافها الجيوسياسية دون المشاركة العسكرية المباشرة، والاعتماد على أطراف ثالثة للقيام بالعمل القذر.
كما يقف وراء هذه التحركات النظام التركي الذي حول المنطقة التي يحتلها من الشمال السوري إلى منطقة لتجار الأزمات الذين يتاجرون بالمرتزقة، واستخدامهم في مناطق الحروب والنزاعات والتوترات، حيث يستغلون حاجات الناس في هذه المناطق التي تعاني من فوضى أمنية وأزمات اقتصادية وحالات عوز وفقر، ويستخدمونهم للعمل مرتزقة في مناطق الخطر والتوترات لقاء أجور يرهنون حياتهم لقاءها، فيصدرون هؤلاء إلى مناطق النزاع في صفقات مريبة سرية بعيدة عن أعين المجتمع الدولي.
وقد حدث ذلك بالتعاون مع أجهزة أميركية وتركية خلال الأزمات العالمية المختلفة خلال العقود الماضية في سورية والمنطقة والعالم، على الرغم من خطورة تداعياتها والإضرار بالسلم والأمن الدوليين.
في الجزيرة السورية تستخدم الولايات المتحدة الجماعات الانفصالية مثل “قسد”، وتستخدم أيضاً بالتنسيق مع النظام التركي تعاون الجماعات الإرهابية في الشمال السوري مع إرهابيي نظام كييف لتوظيفه في استهداف الدولة السورية في الشمال وكذلك استهداف قوات الحليف الروسي التي تساعد الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين في تلك المنطقة.
الجماعات الإرهابية الأوكرانية، تقوم بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية في سورية، من أمثال هيئة تحرير الشام (المعروفة باسم جبهة النصرة)، وهي فرع من تنظيم القاعدة، بشن هجمات بالوكالة، عبر سلسلة من الهجمات العدوانية لاستهداف أمن المدنيين السوريين.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “كييف بوست” بتاريخ 18 أيلول الماضي، أشار إلى الاعتداءات التي نفذت ضد الدولة السورية كان نتيجة تعاون بين إرهابيين من الشمال السوري ومرتزقة أوكرانيين (يُطلق عليهم “خيميك”، تابعين لمخابرات نظام كييف)، وهؤلاء يعملون جنباً إلى جنب مع الإرهابيين في مناطق إدلب لاستهداف السوريين.
المثير في الأمر، أن هذه التحركات تجري بالخفاء وبسرية تامة، وتعمل الولايات المتحدة والنظام التركي على التمويه عليها وحرف الرأي العام والإعلام العالمي عنها، لأنها ستكون الجبهة التي تريد أن تديرها الولايات المتحدة ضد سورية، فالمعركة يمكن أن تبدأ من الشمال، ومن الجزيرة السورية ضد الدولة السورية والشعب السوري، ولا يستبعد أن يكون للعدو الإسرائيلي دور قذر فيها كالعادة في كل الاعتداءات والمخططات التي تستهدف سورية.
ومن الضروري أن يلقي الإعلام الضوء على مخططات كهذه تحاك من وراء الستارة، والمخفي أعظم.
التالي