الثورة – آنا عزيز الخضر:
تركت الحرب على المجتمع السوري آثارها المؤلمة في كل اتجاه.. مادياً وإنسانياً، وفي كل جانب، وكان الفن لها بالمرصاد، يلتزم بالواقع، وينقل ما عاشه الناس من خسارة وفقد معنوي ونفسي واجتماعي، ليقدم بنفس الوقت الرؤيا الناضجة، التي تكتظ بالمشهد النموذجي الذي يدعو ويكرس الوجهة الإيجابية في الحياة من أي منظور كان، مهما قست الظروف، ورفع سوية الوعي لمواجهة مشكلاتنا بالشكل السليم، وقد تصدي الفن والمسرح لتسليط الضوء على المعضلات لإفساح الطريق أمام حلها لدعم الحلول المختلفة من الناحية الفكرية، وقد كثرت الأعمال الفنية ضمن نفس الإطار للنهوض بالإنسان.. فكيف تتم المعالجة..؟ وكيف توجه تلك الرسائل لإنجاز مهمة ثقافية تنهض بمسؤوليتها تجاه المجتمع؟.
هذه الأسئلة توجهنا بها للمخرجة المسرحية لبنى مراد، والتي سبق لها إخراج العديد من الأعمال في نفس السياق، فقالت: الواقع هو الملهم الأول والأخير للفن، خاصة في نقل ظروفنا، وقد تعاظمت وكبرت مسؤولية الفن، وذلك بسبب تبعات الحرب، تلك التي لا تعد ولا تحصى في كل مجالات حياتنا.. مثلاً في “ضجيج” من تأليفي وإخراجي ناقشنا حالة الفقد، ونوهنا عن دور التربية السليمة في الفترة الحالية، فهناك أم تفقد أبناءها نتيجة غياب دورها في التنشئة الصحيحة، لكن فقدها لم يمنعها من أن تستمر محكومة بالأمل والإرادة بتصحيح أخطائها، فلا بد من لفت النظر إلى ضرورة الاستمرار وإعادة البناء للإنسان.
فالعرض بطرحه الاجتماعي والوطني يدعو إلى حاجة المجتمع لبداية جديدة تكون فيها المرأة رائدة، وبحاجة إلى أن تأخذ دورها في تربية الأبناء، بعيداً عن أي انتماءات ضيقة غير إنسانية، أو تحجز لبدء مرحلة تنسينا ما مر علينا من تبعات الحرب، وما أصابنا من انهيارات، أقساها كان خلخلة بعض القيم الأخلاقية في المجتمع، مطلوب من الفن والمسرح العمل على إيصال رسالته في بناء الإنسان، وتوجيه الجهود للمشاركة في بناء الوطن المعافى في كل المجالات.
فالمعالجة ركزت على دور المرأة في المجتمع وبدء مرحلة جديدة، عنوانها العريض هو الإنسان، بعيداً عن أي انتماء ضيق وتحجر، وتربيته على حب الوطن، الذي هو الأم للجميع، مشيرة إلى أن العمل كان من صلب الواقع بقصته وشخصياته وهمومه.