أنقذوا سيدة المائدة إنها تستغيث،تشكو جلاديها ،من مهربين يسرقون دقيقها ليل نهار.. لصوص اللحظة لا يأبهون لخصوصيتها وكم عانت في رحلتها من زرعها إلى حصادها وتسويقها وطحنها، لتعجن في آلات الحديد وتقطع وتخبز في أفران النار..
فكم من عابث أهملها وأساء صنعها وكم من وضيع تلاعب بوزنها وجودتها ،وكم من تاجر استغلها وتجاوز خطها الأحمر..هي رغيف الخبز يا سادة التي أشبعت البطون في زمن القحط والجدب وحفظت ماء الوجه في اقسى الظروف.
كسروا خاطرها حين كسروا هيبتها وهربوها وأطعموها علفا للماشية قصدا..سرقوها ورموها في حاويات القمامة وغيرها ..قدّدوها تحت أشعة الشمس ليدخل نقيعها في غش مكونات الفلافل..
أزمة رغيف الخبز السورية التي تعود للواجهة بين الفينة والأخرى بعناوين ورغبات مفتعلة بقيت صامدة مع صمود أهلها وزراعها وصناعها وطهاتها ومحبيها.هي النعمة والبركة في كل التفاصيل ..يلوشها طفل بحنان ويمضغها مسن دون اسنان. وقد يأكلها حاف، وربما كسرة منها، جندي مرابط في الميدان ،وربما تخبأ في حنايا عب أم تحنو بها لمن احتاج الزاد.
رغيف الخبز هذه تذكرنا بعابري السبيل أيام زمان يوم كان أحدهم اذا ما رأى بعضا منها مرمي على جانبي الطريق أو أي مكان عثر على فتاتها يسارع إلى التقاطها وتقبيلها ووضعها بعيدا عن أقدام المارة مع الاستغفار والدعاء بالحفاظ على هذه النعمة.
على عكس ما نراه اليوم عند البعض إسراف وتبذير وبطر في طريقة العبث والاستهتار بقيمة وأهمية نعمة الخبز في حياة الشعوب.التي «تقرّش» سعر القمح والخبز والمعجنات على السنت.
الخبز والسلع الأساسية التي نحتاجها على عدد رف الجفن تحتاج إلى رحمة ورأفة النفوس المستهلكة فهي بالتأكيد لم تصل الينا باليسر والسهولة خاصة في سنوات الحرب المضنية التي أرهقت الجميع حتى الرمق الأخير.
غصون سليمان
التاريخ: الأربعاء 10-10-2018
رقم العدد : 16807