بات ينهك الأجساد بسرعة, هي المنهكة أساسا بلا مرض..!
رحل بعد صراع مع المرض.. بقدر بساطة هذه الجملة, إلا أنها تنهي في لحظة كل شيء, وتتركنا نهباً لنزف لا ينتهي مادمت حياً..
المخرج غسان جبري رحل قبل بضعة أيام ليختتم مسيرة درامية ابتدأها قبل حوالي ستين عاما, كمخرج مساعد في مسرحيات عديدة «ليلة الملوك», و«أنتيغون», و«يوليوس قيصر» لينتقل بعدها إلى الاخراج التلفزيوني, دون ان يترك المسرح.
درس الحقوق, ولكنه التحق بشغفه بعد ان نال من ألمانيا شهادة تدريب على الإخراج عام 1966, ليبدأ مسيرته في الدراما السورية ويقدم بعضاً من اهم أعمالها, قاربت خمسين مسلسلًا, من بينها «صور ضائعة», «أعيدوا صباحي» و«حكايا الليل» للكاتب محمد الماغوط, بالإضافة إلى 30 فيلما دراميا ووثائقيا..
خياراته الدرامية لم تركن الى حال ثابت انتقل من الأعمال المعاصرة في حكايا الليل, الى الدراما التاريخية عبر مسلسل ترك بصمة لاتنسى في تاريخ الدراما السورية.. «انتقام الزباء» حينها قام بتحضير استوديو خاص لتصوير العمل ليتمكن من تقديم الأبعاد الدرامية التي أرادها في هذا المسلسل..
هو أول من أدخل البيت الدمشقي عام 1988 ناقلًا تفاصيل حياة البيئة الدمشقية في عدة مسلسلات منها (لك يا شام)..
برحيل غسان جبري.. لانفتقد طعم دراماه وشغفه الذي لن ينتهي برحيله.. بل نفتقد ارث وتاريخ أحد المبدعين الكبار الذين ينتمون لجيل لن يتكرر بقيمه ومفاهيمه..
سيبقى وارثه الدرامي شاهدا غير حيادي على عصر درامي, ونحن نتلمس الطريق نحو شاشاتنا بين السطحي والعميق.. بينما إرث جيل من المبدعين يطل برأسه حتى في غيابه ليومي إلينا.. لاتتركوا أنفسكم نهبا لغبار ينتهي مع أول هبة ريح..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 18-2-2019
رقم العدد : 16912