لا تزال منظومة العدوان تراهن على عكازها الإرهابي، لمداراة هزيمة مشروعها الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتلعب على الوقت لمحاولة إعادة تعويم تنظيماتها الإرهابية مجدداً.. وعلى اعتبار أن جناحي الإرهاب الأميركي والتركي هما اللذان يديران دفة العدوان اليوم، فهما يعملان معاً على تقويض كل التفاهمات السابقة التي تم التوصل إليها في آستنة وسوتشي، لتمهيد الطريق أمام ضامن الإرهابيين أردوغان كي يعلن صراحة تنصله من كل تعهداته، والانقلاب على الجانبين الروسي والإيراني، وخاصة أن مشغله الأميركي كان دائماً خارج حسابات الدول الضامنة لمسار آستنة، ويعمد في كل مناسبة لطرح بدائل جديدة على غرار «جنيف» تكون مفصلة على مقاس أطماعه وأوهامه.
وتمادى إرهابيو أردوغان بارتكاب جرائمهم بحق المدنيين، وآخرها اعتداؤهم بالقذائف على الأحياء السكنية في مدن السقيلبية وسلحب ومحردة بريف حماة الشمالي الغربي، وتكثيف هجماتهم ضد مواقع ونقاط الجيش في عدة أماكن، يشكل رسائل واضحة تكشف النيات الأميركية والتركية المبيتة في جعل منطقة خفض التصعيد بؤرة دائمة لإرهابيي النصرة خلافاً لما نصت عليه اتفاقات «آستنة»، ولتكون قاعدة انطلاق لتوسيع نطاق الهجمات الإرهابية على المناطق المحررة من الإرهاب، ليتسنى للأميركي التأكيد أنه ما زال الآمر الناهي بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، وبمقدوره إعادة خلط الأوراق في أي لحظة، وإعطاء أدواته أمثال أردوغان كل التعليمات اللازمة للانقلاب على أي تفاهمات سابقة.
خلال ثلاثة الأيام الأخيرة اعتدى إرهابيو أردوغان بأكثر من 150 صاروخاً وقذيفة حقد على الأحياء السكنية والمدارس والأسواق ودور العبادة بتلك المدن والبلدات خلفت شهداء وجرحى وأضراراً مادية كبيرة، والمناطق التي شنت منها تلك الاعتداءات يتحصن فيها الإرهابيون إلى جانب جنود الاحتلال التركي، ما يعني أن أوامر استهداف المدنيين يتلقاها الإرهابيون من التركي مباشرة، وهو من يدير ويشرف على تلك الاعتداءات، ولا نستبعد أن يكون هو من يطلق القذائف والصواريخ في أحيان كثيرة، وخاصة أن نزعة أردوغان الإجرامية لا تترك مجالاً للشك في هذا الأمر، وهذا ما يفسر إلى حد بعيد لهاث النظام التركي لاغتصاب منطقة خفض التصعيد، وإدارتها عبر مرتزقته من «النصرة» وغيرهم، عله يعوض بذلك فشله بتحقيق أطماعه التوسعية في حلب قبل تحريرها على أيدي الجيش العربي السوري.
تحرير كل شبر من الأرض السورية، سواء من الإرهاب أم أي قوات غازية محتلة، هو قرار سوري لا رجعة عنه، وسرعان ما سيدرك أردوغان ومشغلوه في واشنطن أن كل رهاناتهم ستلقى مصير سابقاتها، وساعة الصفر لتحرير إدلب بدأت تقترب، لتكون كامل الجزيرة السورية على موعد جديد من عودتها إلى السيادة السورية، سواء نفذ ترامب قرار سحب قواته المحتلة، أم تنصل كعادته من وعوده، وفي كلا الأمرين ستكون النتيجة واحدة.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 27-2-2019
رقم العدد : 16919