في الحديث عن الرقم الإحصائي بزمن الحرب .. عامر: نعمل وفق معايير وأسس عالمية .. ولا نفصّل الرقم على رغبة أحد
لم يكن الرقم الإحصائي بعيداً عن ويلات الحرب ونكباتها، والجميع يستذكر مرحلة عدم نشر البيانات الإحصائية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء خلال سنوات الحرب منذ عام 2012 إلى بداية العام الفائت واقتصاره خلال سنين الحرب على الجانب الحكومي فقط بقرار جاء من اللجنة الاقتصادية حينذاك، الأمر الذي جعل العديد من الجهات والناس يتهمون المكتب خلال تلك الفترة بعدم العمل، ليأتي قرار نشر البيانات خلال العام الفائت، إلا أن ذلك لم يشبع المهتمين، فحجم الأسئلة والاستفسارات حول الأرقام المنشورة، وصولاً إلى التشكيك بها لم يتوقف، لهذا كان لقاؤنا مع مدير عام المكتب المركزي للإحصاء الدكتور إحسان عامر للحديث عن الرقم الإحصائي خلال الحرب.
لم نتوقف أبداً
يؤكد عامر أنه بالرغم من الحرب الشرسة التي تتعرّض لها سورية، إلا أن العمل الإحصائي للمكتب لم يتوقف أبداً، بل استمر طوال سنوات الحرب، ولم تنقطع سلاسل الرقم الإحصائي في سورية، فمنذ عام 2012 وإلى تاريخه أجرى المكتب أكثر من 60 مسحاً، بالإضافة إلى المجموعات الإحصائية السنوية والنشرات الإحصائية التي تم نشرها بعد قرار اللجنة الاقتصادية الذي يقضي بالموافقة على النشر، وأن جميع المسوح التي طلبت من المكتب تم القيام بها.
أما المسوح الدورية كالمسح التجاري – الصناعي – والقوى العاملة. .. الخ، فالمكتب استمر بها ولم ينقطع، والعاملون كانوا يزورون المنشآت والأسر لإجراء العمل الإحصائي وفي سبيل ذلك قام المكتب بمتابعة المنشآت التي نقلت، وفي بعض الأحيان نتيجة للحرب كنا نضطر للتواصل عبر الهاتف والبريد الالكتروني، للوصول إلى أهم المؤشرات.
نقص في الشمول الجغرافي
لم ينف عامر خلال حديثه تأثّر الرقم الإحصائي عموماً خلال الحرب وتعرض البيانات الإحصائية لنقص فيها، ملخصا ذلك بعدة أسباب أولها كان فقدان الشمول الجغرافي ووجود العصابات المسلحة، الأمر الذي منع العاملين من قيامهم بالعمل، والسبب الثاني أن القطاع العام فقد الكثير من الشركات بسبب التخريب الممنهج الذي طالها وبالتالي فقدان بياناتها، بالإضافة إلى أن الحراك السكاني الكبير سواء في الهجرة داخل المحافظة أم بين المحافظات أم إلى الخارج، منعنا من رصدها إلا بشكل جزئي.
نحن لا نفصّل رقم على رغبة أحد، ولا نتبنّى رؤية أحد كان من كان في عملنا الإحصائي، نحن مستقلون بعملنا، بهذا أجابنا عامر على سؤالنا حول مدى دقة الأرقام والإحصائيات المنشورة لدى المكتب ومدى استقلاليتها، مؤكداً أن المكتب المركزي للإحصاء هو مؤسسة تعمل وفق أساليب علمية فنية معتمدة عالمياً، والرقم الإحصائي ليس نتيجة جهود فرد أو مدير المكتب بل عمل آلاف العاملين، وهو خاضع لمعايير وأسس علمية ومقاييس تبين مدى قبول هذه الأرقام، وهامش الخطأ، والأرقام والإحصائيات التي نشرت تم التنويه خلالها إلى وجود عدم شمول جغرافي وننوه له دائماً في كل مسوحنا التي نقوم بها.
معاناة العاملين في الإحصاء
خلال الحرب لا يخفى على أحد ما تعرّض إليه الموظف الحكومي من استهداف وصل إلى حد الخطف والقتل، والعاملون في الإحصاء لم يكونوا بعيدين عن هذا الخطر، بل ربما كانوا أكثر عرضة لذلك، وفي ذلك يصف عامر العاملين في الإحصاء بالجنود المجهولين وهم يستحقون الثناء بما قاموا به، فالعمل الميداني والتنقل من مكان إلى آخر لم يكن بالأمر السهل عليهم، خاصة في ضعف الإمكانات والمساعدات المقدمة لهم، التي تراجعت بسبب الحرب، والحالة النفسية السائدة خلال السنين الفائتة أثرت كثيرا على التعاون مع عامل الإحصاء، وكانت تجعل من العمل الإحصائي أكثر صعوبة، فهنالك مثلاً من يعتقد عند دخول عامل الإحصاء إلى شركة ما أنه يريد التقصي عن معلومات الشركة لفرض الضرائب عليها فيما بعد..! بالإضافة إلى أن عدد من مديريات الإحصاء قد تعرّضت للتدمير مثال مديرية إحصاء درعا – حلب – دير الزور- حمص وهذا أيضاً كان له تأثيراً سلبياً على العاملين في تلك المديريات.
يصف عامر تاريخ المكتب المركزي للإحصاء بالعريق، ويثمّن ما قام به خلال الحرب، واستمراره بالعمل الإحصائي في حين كان هنالك دول بسبب الحرب توقف العمل الإحصائي بها كلياً أو جزئياً، ويقول أن الدول العربية كانت تستعين بالخبراء السوريين، ويتدربون لدينا، وهنالك العديد من الزملاء شارك في التعدادات وتصميمها لدى بعض هذه الدول وبالرغم من الحصار الذي تعرّض له الإحصاء في سورية من جهة التأهيل والتدريب، كتوقف الشراكة الأوروبية، والدورات في الدول العربية، إلا أنه يرى أن مستقبل الإحصاء في سورية سيكون أفضل بكل تأكيد، وخاصة عند صدور التشريع الجديد للعمل الإحصائي في سورية الذي سيشكّل نقلة نوعية في هذا العمل.
الثورة – فارس تكروني:
التاريخ: الخميس 6-6-2019
الرقم: 16995