بريطانيا في الغرف المظلمة للسياسة!!

 
يقول دانيال فين بأنه لطالما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية الناس في بريطانية وافقوا على أن الهجمات الإرهابية السابقة على الأراضي البريطانية كانت مرتبطة ، على الأقل جزئياً، بسياسة البلد الخارجية».
ففي الأسبوع الماضي، وصف جيرمي كوربين بأنه «متعاطف مع الفلسطنيين من قِبل مراقب في معهد غلاسكو، ففي هذه اللحظة يقول دانيال فين فقدت السياسة البريطانية بعض بريقها عندما تبيّن أن المدقق، وهو وزير كنيسة اسكتلندا ويدعى ريتشارد كاميرون القريب من ديفيد كاميرون الوزير البريطاي السابق، فديفيد كاميرون، الذي شغل منصب رئيس الوزراء، شجب سابقاً كوربين وزملاءه بنفس الطريقة، وذلك عندما عارض جميي كوربين زعيم حزب العمال البريطاني الغارات الجوية على سورية في ديسمبر- كانون أول عام 2015 .
أما اليوم فقد بدا جونسون رئيس الوزراء الحالي – يقول فين – واثقاً من أن الرأي العام سيشاركه رأيه في خطاب كوربين بأنه تعاطف واضح مع الفلسطنيين ضد الاسرائيلين، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلبية الناس في بريطانية اتفقوا مع زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين على أن الهجمات الإرهابية على الأراضي البريطانية سابقاً كانت مرتبطة، على الأقل جزئياً، بسياسة البلاد الخارجية المشجعة للإرهاب والداعمة له من خلال دعمها اللامنتاهي للسعودية وفكرها الوهابي المتطرف ومدها بالسلاح والعتاد من خلال أرقام موثّقة لصادرات بريطانية من السلاح إلى المملكة السعودية.
ويركّز الكثير من النقد الموجّه إلى كوربين على علاقته بشين فين في الثمانينيات والتسعينيات.
خلال حملة الانتخابات العامة لعام 2017 قام بوريس جونسون بعرض ونشر صورة لكوربين مع مارتن ماك غينيس في عام 1995 ، مستهيناً بادعائه بأنه لم يلتق مطلقًا بالجيش الجمهوري الايرلندي: وقال بوريس جونسون «لا يمكنكم الوثوق بهذا الرجل، في حين أصرّ رؤساء الوزراء المتعاقبون أنه كان هناك في الواقع اتصال سري بين مسؤولي الحكومة البريطانية والجيش الجمهوري الإيرلندي طوال فترة النزاع والتفاوض مع ويليام وايتاو، وزير خارجية أيرلندا الشمالية في ذلك الوقت، ويصر منتقدو كوربين على أن سجل تعامله مع الجمهوريين الإيرلنديين مختلف للغاية، لأنه يدعم أهدافهم السياسية.
صحيح أن الأصوات البارزة لليسار العمالي البريطاني دافعت عن الوحدة الأيرلندية في الثمانينيات، ما أثار استياء النقابيين في بريطانيا وأيرلندا الشمالية، على حد سواء، كوربين نفسه لم يكن شخصية بارزة في ذلك الوقت، وأصبح نائباً فقط في عام 1983 وكان كين ليفينغستون، الذي كان آنذاك رئيساً لمجلس لندن الكبرى، معروفاً بشكل كبير، وقد أثارت تعليقاته على الصراع في أيرلندا الشمالية جدلاً كبيراً، إذ إن سياسة الدعم والترويج لإيرلندا الموحدة قد جعل كوربين وليفينغستون من الشخصيات السياسية المحبوبة في الجيش الجمهوري الايرلندي، هذا وواجه زعيم حزب العمل انتقادات حادة لاجتماعه بممثلي حماس في عام 2009.
لكن حتى مايك جابيس، النائب العمالي السابق الذي كان أحد أشد منتقدي كوربين، دعا إلى إجراء محادثات مع العناصر «المعتدلة» في حماس في عام 2007، ووصف توني بلير لاحقاً مقاطعة حماس بعد فوزها في الانتخابات الفلسطينية عام 2006 على أنها خطأ، والتقى بلير بنفسه مع قادة حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية قبل أربع سنوات فقط، وبينما عبر كوربين عن «أسفه» لاستخدامه مصطلح «أصدقاء» في إشارة إلى مندوبي حماس – بعد أن أثار ردّاً ساخطاً من النقاد – بينما قال كوربين أنه لم يكن هناك غضب من هذا القبيل عندما أشار السياسيون المحافظون إلى العائلة المالكة السعودية بوصفهم «أصدقاء»وحلفاء وشركاء المملكة المتحدة في سياق النقاش البرلماني حول استمرار مبيعات الأسلحة لحرب السعودية على اليمن، والتي دعمها هؤلاء النواب والتي أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين.
وبالطبع يقول دانيال فين، يعتبر العنف ضد المدنيين – من المذابح المستوحاة من تنظيم داعش وفكره الإرهابي في الاستهداف المتعمد للمدنيين في اليمن.. في الثمانينيات من القرن الماضي ، شجبت مارغريت تاتشر ورونالد ريغان المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب إفريقيا بوصفهما إرهابيين ، بينما دعموا الجماعات المتمردة في أماكن أخرى والتي كان سجل العنف فيها ضد المدنيين فيها أسوأ بكثير ، من أنغولا إلى أفغانستان، وكمبوديا إلى نيكاراغوا، ووصفت إدارة كلينتون في البداية جيش تحرير كوسوفو (KLA) بأنه منظمة إرهابية، قبل تجنيده كحليف ضد سلوبودان ميلوسيفيتش، في السنوات الأخيرة، أبقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حزب العمال الكردستاني (PKK) على قائمتهما للجماعات الإرهابية المحظورة، لكنهما دعمتا المليشيات المرتبطة بشكل وثيق مع حزب العمال الكردستاني.
ويقول فين لو كان كوربين على استعداد لاستيعاب نظام القيم البريطانية الأمريكية وفكرهم الاستعماري ومجموعة أخرى من المحرمات الدولية، لكان ذلك قد أثار جدلاً أقل بكثير من دفاعه عن الشعب الفلسطيني واستعال العنف ضدهما بحجة محاربة حماس، لكن إجماع السياسة الخارجية البريطانية يتابع فين يعمل بشكل أفضل عندما يكون الأمر يتعلق باالسعودية ومبيعات الأسلحة لها، حيث تهدف عبارات الإهانة الموجهة لجميي كوربين مثل «المتعاطف مع الإرهابيين» والمقصود بها من منطلق السياسية البريطانية إلى تثبيط الأسئلة المحرجة حول المعايير المزدوجة التي تحكم علاقة بريطانيا بالعالم الخارجي.
الغارديان

ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الجمعة 22-11-2019
الرقم: 17129

آخر الأخبار
"ذاكرة اعتقال"..  حلب تُحيي ذاكرة السجون وتستحضر وجع المعتقلين "صندوق التنمية السوري".. خطوة مباركة لنهوض سوريا على كل الصعد من الجباية إلى الشراكة.. إصلاح ضريبي يفتح باب التحول الاقتصادي فضيحة الشهادات الجامعية المزورة.. انعكاسات مدوية على مستقبل التعليم   أزمة إدارية ومالية.. محافظ السويداء يوضح بشفافية ملابسات تأخير صرف الرواتب "صندوق التنمية السوري".. إرادة وطن تُترجم إلى فعل حين تُزوّر الشهادة الجامعية.. أي مستقبل نرجو؟ جامعة خاصة تمنح شهادات مزورة لمتنفذين وتجار مخدرات  وزير الاقتصاد: ما تحقق في"دمشق الدولي" بداية جديدة من العمل الجاد "اتحاد غرف التجارة الأردنية" يبحث تطوير التعاون التجاري في درعا تفعيل دور  الكوادر الصحية بالقنيطرة في التوعية المجتمعية "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يقطع رأس الحقيقة ويعلقه على حبال التضليل حملة فبركات ممنهجة تستهدف مؤسسات الدولة السورية.. روايات زائفة ومحاولات لإثارة الفتنة مع اقتراب العام الدراسي الجديد...  شكاوى بدرعا من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية  برامج تدريبية جديدة في قطاع السياحة والفندقة إلغاء "قيصر".. بين تبدل أولويات واشنطن وإعادة التموضع في الشرق الأوسط دعم مصر لسوريا..  رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية  تطوير التشريعات والقوانين لتنفيذ اتفاقيات معرض دمشق الدولي أزمة المياه تتجاوز حدود سوريا لتشكل تحدياً إقليمياً وأمنياً "كهرباء القنيطرة": الحفاظ على جاهزية الشبكة واستقرار التغذية للمشتركين جهود لإعادة تأهيل مستشفيي المليحة وكفربطنا