الجرائم الأميركية تطفح.. والغرب يتجرد من القيم الإنسانية

إلى متى سيبقى العالم أسير سياسات المعايير المزدوجة التي تفرضها الولايات المتحدة، وتتعلق بحبالها دول الغرب الاستعماري المرتهنة للإرادة الأميركية؟ هذا السؤال بات أكثر إلحاحاً اليوم في ظل تصاعد الممارسات الأميركية العنصرية والقمعية ضد مواطنيها الملونين، وضد الشعوب الأخرى، والمفارقة أن الدول المنضوية تحت راية التبعية الأميركية “تقيم الدنيا ولا تقعدها” عندما تريد أميركا استهداف دولة أخرى تحت ذريعة حقوق الإنسان، فيما “يأكل القط” ألسنة مسؤولي تلك الدول عندما يشاهدون جرائم العنصرية الأميركية بأمّ عينهم على شاشات التلفزة العالمية.
بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن كفرنسا وبريطانيا، والتي تغض الطرف عن جرائم العنصرية في أميركا، ولم تتجرأ على المطالبة بعقد جلسة طارئة للمجلس لإدانة، أو حتى مناقشة جرائم إدارة ترامب بحق المواطنين الملونين، هي نفسها إضافة للولايات المتحدة تستخدم مجلس الأمن لتسعير حدة الحرب الإرهابية على سورية، وتسخر هذا المجلس والكثير من الهيئات والمنظمات الدولية لشرعنة الاعتداءات الأميركية على الكثير من الدول والشعوب، والأكثر من ذلك أن هذه الدول وظفت كل إمكانياتها للدفاع عن الإرهابيين في سورية، وقدمت لهم ولا تزال كل أنواع الدعم العسكري واللوجستي، ولكنها عاجزة عن قول كلمة حق تدافع بها عن الملونين السود في أميركا، وأعجز من أن تطالب النظام الأميركي بالكف عن ممارساته الإرهابية، وإن فعلت فهي تدين بذلك نفسها، لأنها لا تقل إجراما عن سيدها الأميركي، وربما تتفوق عليه في سياسة البطش والقمع عندما تواجه حكوماتها موجات احتجاجية تطالب بأبسط الحقوق المشروعة، وحدث ذلك في الكثير من العواصم الغربية.
الحرب الإرهابية الاقتصادية المسعورة ضد سورية، والتي تتشارك دول الاتحاد الأوروبي مع أميركا في تشديد أوارها، وتمعن في إحكام حصارها الخانق لزيادة مفعول تأثير ما يسمى “قانون قيصر”، وجه آخر لسياسة المعايير المزدوجة، وتتجلى في أن هذه العقوبات الجائرة هي محاولة واضحة لشرعنة الاعتداءات الأميركية المتواصلة على سورية، وللتغطية على الجرائم التي يرتكبها المحتل الأميركي ومرتزقته الإرهابيون بحق المدنيين، فضلا عن أن هذه العقوبات هي انتهاك سافر للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة وصكوك حقوق الإنسان، فيما الدول الأوروبية ذاتها ترهن قرارها وسيادتها ومقدراتها وثرواتها عن طيب خاطر للأميركي الذي يستهدفها بحروب تجارية، وطالما قرصن المعدات الطبية المرسلة إليها خلال جائحة كورونا، ولكننا نجدها صاغرة اليوم أما رؤية ترامب العنصرية التي تعتبر المحتجين الملونين مجرد عصابات بلطجة يجب قمعهم بكل وسائل الإرهاب المتاحة.
الجرائم الأميركية بحق الإنسانية باتت تشكل التحدي الأكبر أمام العالم، خاصة أن أميركا تتحدى هذا العالم بجرائمها وأفعالها العدوانية، ولم تترك معاهدة دولية تخدم السلام العالمي إلا وانتهكتها وانسحبت منها، وشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات الزائفة تتخذها واشنطن مطية لارتكاب جرائمها الوحشية في أي مكان تريده خاضعا لها ولقوانينها العنصرية، والغرب الاستعماري يتماهى مع الغطرسة الأميركية، ويسير معصوب العينين خلف سياسات واشنطن لتكريس حالة الفوضى والعنف التي تنشرها الولايات المتحدة في أصقاع الأرض لإنتاج نظام عالمي جديد مجرد من كل القيم الإنسانية، وهذا يستوجب التكاتف والتعاضد الدولي لكبح جماح الإرهاب الأميركي، لإنقاذ الشعوب المقهورة، والحفاظ على الحقوق الإنسانية والقيم والمعايير الأخلاقية.

بقلم أمين التحرير: ناصر منذر

آخر الأخبار
منبج.. مدينة الحضارات تستعيد ذاكرتها الأثرية مجزرة الغوطة.. جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم  حين اختنق العالم بالصمت.. جريمة "الغوطة الكيماوية" جرح غائر في الذاكرة السورية كيف نحدد بوصلة الأولويات..؟ التعليم حق مشروع لا يؤجل ولا يؤطر الصفدي: نجدد وقوفنا المطلق مع سوريا ونحذر من العدوانية الإسرائيلية خبير مصرفي لـ"الثورة": العملات الرقمية أمر واقع وتحتاج لأطر تنظيمية مجزرة الغوطتين.. جريمة بلا مساءلة وذاكرة لا تموت العقارات من الجمود إلى الشلل.. خبراء لـ"الثورة": واقع السوق بعيد عن أي تصوّر منطقي في الذكرى الـ 12 لمجزرة الكيماوي.. العدالة الانتقالية لا تتحقق إلا بمحاسبة المجرمين نظافة الأحياء في دمشق.. تفاوت صارخ بين الشعبية والمنظمة اقتصاد الظل.. أنشطة متنوعة بعيدة عن الرقابة ممر إنساني أم مشروع سياسي..؟ وزارة الأوقاف تبحث في إدلب استثمار الوقف في التعليم والتنمية تقرير أممي: داعش يستغل الانقسامات والفراغ الأمني في سوريا لإعادة تنظيم صفوفه تفقد واقع الخدمات المقدمة في معبر جديدة يابوس هل تصنع نُخباً تعليمية أم ترهق الطلاب؟..  مدارس المتفوقين تفتح أبوابها للعام الدراسي القادم عندما تستخدم "الممرات الإنسانية" لتمرير المشاريع الانفصالية ؟! محاذير استخدام الممرات الإنسانية في الحالة السورية المساعدات الإنسانية. بين سيادة الدولة ومخاطرالمسارات الموازية الاستثمار في الشباب.. بين الواقع والطموح د.عمر ديبان: حجر الأساس لإعادة بناء سوريا القوية