يحكى أنه في التراث الأندلسي عندما كان طلبة العلم يختلفون في أي مسألة علمية أو أدبية، فإن الخاسر في هذا النقاش أو الاختلاف يحمل إلى خصمه الرابح مائدة عامرة بما لذ وطاب من المأكولات… تأكيداً للغالب أنه لا يحمل عليه أي ضغينة أو حقد.
أين نحن من هؤلاء فمن يتابع الفضائيات على اختلاف أنواعها ومشاربها ويستمع إلى حواراتها السياسية والثقافية، يصاب بالهلع والرعب والاشمئزاز من الإسفاف الذي وصل إليه الحوار من تبادل الشتائم والسباب وعدم إفساح المجال للطرف الآخر ليقول رأيه ويتم فكرته.
حتى في حواراتنا مع بعضنا وليس على الفضائيات، نقفز فوراً وفي أغلب الأحيان إلى المستوى الأعلى من التوتر والانفعال وتبادل الاتهامات أي إلى الأحكام المسبقة.
ماذا حصل ولماذا نحن دائماً غاضبون متوثبون متوترون؟!
دائماً نظهر الجانب الخبيث فينا ونخفي الجانب الطيب، غير متصالحين مع أنفسنا ومع الآخرين.
هل هي الأزمة التي مرت على البلاد وتركت بصماتها السيئة على جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والنفسية كافة.
أم هي الحياة العصرية التي نعيشها بما فيها من تناقضات هي التي تجعلنا ضيقي الصدر والأفق وبعيدين عن الحلم.
يبدو أن عبارة (بروح رياضية) والتي تطلق على تقبل المهزوم النتيجة دون زعل أو ردّات فعل قوية قد ذهبت إلى غير رجعة
وأصبح الاختلاف في الرأي احياناً ينهي الود، وقد يصل إلى ارتكاب جريمة.
عين على المجتمع- ياسر حمزة