الثورة أون لاين – ثناء أبو دقن:
كبسة زر واحدة أُطاحت بأمنيات نخبة المتميزين من طلابنا في الشهادة الإعدادية لهذا العام، بكبسة زر قيل عنها أنها خطأ فني غير مقصود ..غير إنها جرحت قلوب خيرة طلابنا وأسقطتهم في قاع الإحباط وخيبة الأمل ، ولم تشفع لهم علاماتهم العالية التي تجاوزت في غالبيتها 3000 علامة ولم يُسمح لتعبهم ومثابرتهم وتفوقهم أن يمسح دمعة حزن تركت في نفوسهم صدمة ستحفر أخدوداً في أعماقهم لايزول.
ماالخطأ الذي حصل في اختبارات مدارس المتفوقين لهذا العام؟ ولماذا حصل؟ ومن المسؤول عنه؟ .
بُعيد صدور نتائج الشهادة الإعدادية لهذا العام أعلنت وزارة التربية عن اختبار كتابي مؤتمت للمتفوقين في الشهادة الإعدادية للانتساب إلى مدارس المتفوقين في كافة المحافظات السورية والذي جرى بتاريخ 2020/8/25 وصدرت بعده لائحة بأسماء المقبولين لهذا العام، وحلقت على إثرها أحلام طلبتنا المتفوقين في الانتساب لهذه المدارس إلى أقصاها .
إلا أنه وبعد فترة وجيزة من صدور القائمة الأولى للاختبار ، صدرت قائمة ثانية غربلت القائمة الأولى وخرج مجموعة من الطلاب الذين تم قبولهم سابقاً وأصبحوا غير مقبولين .
وبعد الصعود الى قمة الفرح في القائمة الأولى هبطوا بخطأ تقني قيل انه فني إلى قاع الحزن الممزوج بالصدمة في القائمة الثانية .
وقد أثار ذلك غضب وسخط أهالي الطلاب فتوافدوا الى المراكز المعنية بالأمر لتقديم طلبات اعتراض على نتائج القائمة الثانية والتي أثارت استهجان واستغراب الطلاب والأهالي واعتبروها ظلماً واجحافاً بحق المتفوقين واهلهم على حد سواء .
ومن خلال لقاءات وجولات ميدانية واستطلاع رأي اهالي المتفوقين الذين تم استبعادهم بعد صدور قائمة بقبولهم بمدارس المتفوقين ، تم رصد هذه الآراء وقد رفض معظم المعترضين على النتائح التصريح بأسمائهم أملاً (ان يجيب الاعتراض نتيجة ) وزيّلوا رفضهم بابتسامة الا أننا احتفظنا بالتسجيلات للتوثيق.
– التقنية ليس هي المسؤولة عن الخطأ
-والد إحدى الطالبات وهو مهندس قال: إن التقنية التي اعتمدتها وزارة التربية في إصدار النتائج هي عبارة عن برنامج اكسل وأي شخص بخبرة بسيطة يستطيع ان يعرف الآلية التي تحاول الوزارة إقناعنا بالنتائج التي صدّرتها إلينا وأنها تقنية وفق معايير دقيقة وعالية ،وتريدنا ان تقتنع بها وبالفرز الذي نتج عنها والتي لا يقبل بها أحد ، وليس هذا فقط بل لا يمكن لأحد ان يقنعنا أن طالباً علامته فوق 3000 واختباره تجاوز 70% لم يقبل ، بينما قُبل طالب تحصيله أقل من ذلك وحجتهم ان اختباره أعلى علامةً.
هذه الحجة واهية وليتفضل أي شخص لأثبت له بطلان هذا المعيار وباستخدام ذات التقنية المعتمدة لديهم فلا مجال هنا لأي خطأ فني كما يدّعون .
– اب آخر قال اذا كانوا سيأخذون علامات الطلاب الذين تجاوزوا 3000 علامة والعدد المقبول محدود لماذا دعوا آلاف الطلاب للخضوع للاختبار ،كان بإمكانهم وضع شروط للتقدم وفق معاييرهم المطلوبة ( ليش عذبوا الناس والطلاب وأرهقوهم معنوياً ومادياً وأحرجوا انفسهم) .
– أم طالب قالت ابني لم ينقصه على المجموع العام سوى علامة وجزء من العلامة ونجح بالاختبار بعلامة تجاوزت النسبة المطلوبة وهي 60% ومع ذلك لم يقبل!! …علماً أن كل شروط ومعايير الانتساب للمدرسة متوفّرة لديه ..عن اي معايير ومصداقية يتكلمون .
– أب آخر قال إن القائمة الأولى كانت منصفة للطلاب إلى حد كبير ولكن على مايبدو هناك من لم تعجبه النتيجة فقاموا بتعديل النتائج بما يتوافق ورغبات هؤلاء .وانظلم طلاب على حساب طلاب .ليس عنده أي تفسير غير ذلك حسب قوله.
– جميع الأهالي والطلاب استهجنوا هذا التبرير واعتبروه هروباً من المسؤولية لأن اختبار المتفوقين و إصدار نتائجهم يتم تحت اشراف فريق عمل متكامل..ألم يدقق هؤلاء النتائج ؟ ألم يلاحظوا هذا الخطأ وهو الفريق المتخصص في عمله؟ وما ذنب الطالب ان يدفع ثمن هذا الخطأ من صحته النفسية وهو يخطو أولى خطواته نحو التميّز والإبداع الذي ترفع وزارة التربية شعار رعايته.
وللوقوف على حقيقة ما جرى في الاختبار الخاص بالمتفوقين التقت الثورة الدكتورة سُبيت سليمان مديرة مديرية البحوث في وزارة التربية والتي أكدت أن الاهتمام بالتفوق ظاهرة حضارية متميزة ، حيث توجد بين الأفراد فروق فردية أهمها التميز والتفوق ، وبهدف الإفادة من هذه القدرات وتلك الطاقات من خلال رعايتها مبكراً ليتم توظيفها مستقبلاً في نمو المجتمع وتقدمه.
ومدارس المتفوقين هي المكان الذي تتوافر فيه البيئة التعليمية التربوية .حيث ينمو فيها التفكير السليم ويتم في جنباتها متابعة ورعاية المتفوقين واكتشاف مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية بمساعدة خيرة الكوادر التعليمية والتربوية.مبينة انه قد تقدم لهذا العام /14586/ طالباً للتسجيل في اختبار القبول في مدارس المتفوقين
وقد نجح منهم /7921/ طالباً وإن مدارسنا المتوزعة على مساحة سورية هي 21 مدرسة وكل مدرسة لها قدرة استيعابية تختلف عن الأخرى ، وعدد الطلاب في الشعبة الصفية يتراوح ما بين 20 -30 طالباً ، ولا يجوز زيادة العدد بعد 30 ولا برقم واحد اطلاقاً.
– “خطا فني “:
وتتابع الدكتورة سليمان فيما يتعلق بالاختبار الذي أُجري هذا العام للطلبة المتفوقين فإنه لم يختلف عن أي إختبار أجريناه في الأعوام السابقة بكافة شروطه ومعاييره إلا ان خطأً فنياً غير مقصود قد حصل فبدل احتساب العلامة من 1000 كما هي العادة أُحتسبت من 100 وهنا نوهت الدكتورة سليمان أن احتساب العلامة النهائية والتي يتم على أساسها قبول الطالب في مدارس المتفوقين تعتمد على شقين الأول وهي علامة الاختبار وفيها يجري تقدير العمر العقلي للطالب واختبار الذكاء و المهارات الادراكية والعقلية له، والشق الثاني علامة الطالب في الشهادة الإعدادية وتجمع العلامات بعدها وتُحسب العلامة من/ 1000 / وترتب هذه الاختبارات حسب تسلسل العلامات وعلى أساسها يتم قبول الطالب ، و هذه الطريقة متّبعة في كل دول العالم .
والذي حصل هذا العام أن العلامة أحتسبت من /100 /وهو خطأ فني بحت وغير مقصود وتم تداركه بسرعة حيث أصدرنا بعدها قائمة أخرى وهي القائمة الصحيحة التي خضعت بكل تفاصيلها لتلك المعايير العالمية.
وهنا وجّهنا للدكتورة سليمان : هل هناك حل استثنائي لهذه المشكلة لهذا العام بقبول كل الناجحين بالاختبار كون الخطأ كان الأول واستثنائياً ؟ فأجابت بالنفي لأن الطاقة الاستيعابية للمدارس لا تسمح بذلك وأن المعايير العالمية للقبول في مدارس المتفوقين ثابتة ولا يمكن تغييرها او تعديلها بأي شكل من الأشكال.
– وعن سؤالها لماذا لم يتم قبول كل الطلاب المتفوقين الذين كانت علاماتهم فوق 3000 في الشهادة الاعدادية للتخفيف من ضغط الاختبارات وشروط القبول قالت أن ليس من حق اي أحد تغيير المعايير المعتمدة في القبول
لان القدرات العقلية للطالب ليس بجمع العلامات ، والعلامة في شهادة التاسع ليست عنواناً للذكاء او هي كل مؤشراته هي مؤشر من ضمن مؤشرات كثيرة ( سرعة البديهة والتركيز ودقة الملاحظة ) فالذكاء شيء والحفظ والبصم شيء آخر ، والقدرات العقلية هي الأساس في الاختبار ، وتعيد وتؤكد أن التفوق في الشهادة الإعدادية هو مؤشر واحد من مؤشرات الذكاء وليس كل الذكاء.
– وبمداخلة مع الأستاذ ربيع أحمد رئيس شعبة التفوق بمديرية البحوث وضح أنه يتم التقدم لمدارس المتفوقين سنوياً حسب معايير متّبعة منذ عشرين عاماً وعلى ضوئها وبعد الاختبار المؤتمت يتم فرز الطلاب الى ناجح او غير ناجح وبعدها يُجرى تفاضل بين الطلاب الناجحين ويتم قبولهم حسب تسلسل علاماتهم بالمعدل النهائي للعلامات التي هي ( علامة الاختبار للقدرات + علامة الشهادة الاعدادية) ومن أعلى علامة إلى الأقل وضمن الطاقة الاستيعابية لمدارس المتفوقين.
وبالنتيجة لا يقبل إلا الطالب الأكفأ الذي قُبل و على الجميع ان يقتنع أنه له الأحقية في القبول وفق المعايير الناظمة ، ونحن نأسف للخطأ الذي حدث هذا العام لأنه غير مقصود.
– وللتكاليف قصة أخرى:
سارع الكثير من الأهل لتسجيل أولادهم في الدورة التي أعلنت عنها مدارس المتفوقين بدمشق لتدريب وتأهيل الطلاب على دخول الاختبار الكتابي المؤتمت لضمان النجاح من أجل الفوز بمقعد دراسي ، والتي قال عنها رئيس شعبة التفوق أنها جهد شخصي من مديري المدارس وسيتم تصويب العملية التعليمية والامتحانية بما يخدم العملية التربوية التي تصب في مصلحة الطالب، أما أهالي الطلاب فلم يثنهم ضيق الحال والظروف المعيشية الصعبة وعدم توفر القسط والمصاريف والتكلفة والتي قاربت ( 25 ألف) ل.س و قدرة جيوب البعض منهم على دفع هذه التكاليف المرهقة ..فلجؤوا للدين والاستلاف ..وكله يهون في سبيل مستقبل ابنهم ولكن إذا فشل الطالب في اجتياز الامتحان فكل الأحلام والأمنيات باتت هباء ولا يبقى في القلب إلا الغصة.
– “شعب جديدة في المستقبل القريب”:
تقوم وزارة التربية بالتعاون والتنسيق مع مديري التربية بدراسة إمكانية التوسع بعدد الشعب الصفية بمدارس المتفوقين وإمكانية افتتاح مدرسة ثانية في المحافظات كافة وريفها للأعوام القادمة حسب الإمكانيات المتاحةو الممكنة للوزارة.
وكان لابد لنا ان نذكر ان مدارس المتفوقين أحدثت ببلاغ وزاري رقم 3/4/ بتاريخ 4/7/1997 في المحافظات السورية لتضم الطلاب المتفوقين في تحصيلهم الدراسي ، وفق شروط ومعايير محددة مختصة ومتمكنة وتوفر مناخاً إيجابياً داعماً للتميز وإلابداع.
طلابنا المتفوقون والمتميزون شعلتنا المضيئة في الأيام القادمة ..زهورنا الجميلة في جفاف طريقنا ..وخبزنا في قحط أيامنا ..يستحقون رعاية أكبر وعناية أشمل وسعة صدر أكبر من ضيق حاضرنا