هل تعلم وزارة النفط والثروة المعدنية أن الشريحة الواسعة من العاملين في القطاع العام “الحكومي” لم تصرف قرشاً واحداً حتى تاريخه من المنحة المالية التي تم رصدها وصرفها لهم، لا لرغبتهم الجامحة بتكنيز الأموال وتكديسها، ولا بسبب حالة الرفاهية شبه المفرطة و”البحبوحة” التي يعيشونها، وإنما نتيجة ترقبهم وانتظارهم وشغفهم الذي لا يمكنهم وصفه، لحظة حصولهم على الدفعة الثانية من مازوت التدفئة المخصصة لهم من العام الماضي التي لم يستلموها حتى تاريخه، إضافة إلى الدفعة الأولى للعام الحالي.
حالة الترقب هذه يمكن تعميمها على السواد الأعظم من المواطنين الذين يعدون الساعات والدقائق والثواني بانتظار أي اتصال أو رسالة من الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” حاملة لهم بشراهم السارة والغالية على قلوبهم وبيوتهم “دون جيوبهم” باستلام مخصصاتهم من مادة مازوت التدفئة وتعبئة خزاناتهم وتدفئة أطفالهم وأسرهم، لا للمتاجرة بها كما يفعل بعض ضعاف النفوس من مالكي السرافيس الذي مازالوا يستغلون الفارق السعري الكبير الناتج عن رفع سعر المازوت الصناعي والتجاري والمازوت المدعوم المخصص للنقل “على عين وزارات النفط والثروة المعدنية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والنقل والداخلية”، والمتاجرة بمخصصاتهم المدعومة دون أن يحركوا آلياتهم متسببين بحصول حالات وحالات من الازدحام على محطات الوقود، والضعف في تخديم الخطوط، نتيجة قلة وسائل النقل الجماعية.
تكرار هذا السيناريو بنفس الطريقة والأسلوب وفي صورة طبق الأصل لأزمة البنزين، عندما قام ضعاف النفوس من سائقي الأجرة “التكاسي” والحافلات الصغيرة “السوزوكيات والهونديات ..”، بالحصول على مخصصاتهم المدعومة وبيعها بأضعاف مضاعفة، لم يعد يعني المواطن بشيء أمام غياب المحاسبة وإغماض عين الرقابة ودخولها في سبات عميق، واقتصار كل الحراك على البيانات والتصريحات والوعود الرنانة التي لم ـ ولن تزيد من حرارة شتاء أصحاب الدخل المحدود إلا بروداً ومرضاً ودواء وزيارات متكررة إلى المستشفيات والأطباء والصيدليات.
أما الحل “إن كان هناك من يسعى له” فيجب أن لا يكون برفع سعر مادة التدفئة بحجة قطع الطريق على ضعاف النفوس المعروفين بالاسم وبنوع ورقم المركبة “أقله لمراقبي الخطوط”، وإنما بتأمين المادة في الوقت المناسب، والمحافظة على ما تبقى من الخط الأحمر للمواطن.
الكنز – عامر ياغي