١٦٠٠ حرفة ومهنة قاومت الحرب والحصار .. اتحاد الحرفيين : ٢٢ مليار ليرة قيمة تمويل ١٢٢ منطقة حرفية قائمة او قيد التسليم ..
الثورة أون لاين – تحقيق غصون سليمان – ميساء الجردي:
لم تغب ١٦٠٠ مهنة وحرفة عن الحضور في بيئتها الإنتاجية والصناعية والاقتصادية والخدمية رغم كل مامر عليها من ويلات الحرب العدوانية على بلدنا من تخريب ودمار وسرقة ، لكن
أصحابها المؤمنين بقدرتهم على العطاء وأن الدين للوطن أكثر مايتجلى في الظروف الاستثنائية الصعبة فكان الحرفيون بجمعياتهم واتحاداتهم المركزية والفرعية في المحافظات على قدر كبير من المسؤولية الوطنية ، ومايترتب فعله على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والصناعي ، فكان الحرص من قبل هؤلاء على ألا تغب اي حرفة او مهنة عن العمل خدمة لحاجات الوطن والمواطنين مهما كلف الأمر ، رغم تدمير أسواق بكاملها في حلب ودمشق/القابون /وغيرها..فقد كانت تلك الحرف رديفاً قوياً وداعماً حقيقياً للاقتصاد الوطني ، وشكلت أهم بديل من بدائل الاستيراد .. في ظروف الحصار على مدى السنوات العشر الماضية ..
عن مقومات عمل تلك الحرف وأهمية تنظيم المناطق الحرفية الصناعية ، وإضافة مناطق جديدة لتغطية حاجة القطر من مستلزمات القطاعات الخدمية و المنتجة ، وكيف انتقل إنتاج بعض الحرف الى مرحلة التصدير ، وخلق بعض البدائل لصناعات لم تعد منافسة في السوق ، يشير رئيس الاتحاد العام للحرفين ناجي أجود الحضوة إلى أن
الاتحاد العام للحرفيين ذو طابع اقتصادي يتمتع باستقلال مادي ومعنوي ينضوي تحت لوائه أكثر من ١٥٠ ألف منتسب مسجل لدى الاتحاد العام باتحاداته الفرعية البالغ عددها ١٣ اتحاداً فرعياً ، والتي بدورها تضم مايقارب ٣٠٠ جمعية ، وكل جمعية فيها اختصاصات ومهن عديدة تصل لما يقارب ١٦٠٠ مهنة تعمل بالإطار التنظيمي للاتحاد العام للحرفيين وفيها كل أنواع المهن والحرف منها ماهو إنتاجي مثل “الحدادة ، نجارة الألمنيوم والخشب ، خراطة الآليات الثقيلة ،
ومنها ماهو خدمي مثل صيانة السيارات ، كهرباء السيارات ، الحلاقة والتزيين .
أما القسم الاقتصادي فتتمثل بحرفة الذهب “ورش الذهب لتصنيع وصياغة المشغولات الذهبية والأحجار الكريمة ، ومن ضمن الحرف الاقتصادية أيضا الحرف التقليدية والتراثية و التي يهتم بها الاتحاد بشكل كبير لأنها تمثل الطابع التراثي والمهني باعتبارها مرآة بصرية للحضارة السورية الغنية بالمصوغات والمشغولات التي يشتهر بها بلدنا ..
من هنا جاء اهتمام الاتحاد حسب رأي الحضوة بإعادة إحياء هذه الحرف من جديد وتقديم آلية الدعم عن طريق اعادة وتأهيل مدربين للحفاظ على استمرارية هذه الحرف ، وتأمين فرص عمل لكافة المنتجين ، أو الحرفيين المهتمين بالحرف التقليدية وفرص تسويق لمنتجاتهم الحرفية وبنفس الوقت تأمين معاهد لتدريب المدربين و صقل مهاراتهم بهدف استمرارية وديمومية الحرف لما لها من طابع وطني واقتصادي ، وبالتالي فالمحاور الأربعة التي يعمل عليها اتحاد الحرفيين متلازمة مع بعضها البعض وكل محور مرتبط بالآخر فمن غير المقبول القول هناك حرفة ضعيفة او حرفة آيلة الى الانقراض ، نحن نهتم بكافة انواع الحرف وتقديم الخدمات بكافة الاختصاصات ، بدءاً من التزيين والجمال ، وانتهاء بأعمال الاسمنت التي تصدر عن جمعيات حرفية مهتمة بصناعة المواد اللازمة من بلوك وبلاط واسمنت ، إضافة للمنتجات الخشبية من تفصيل الموبيليا المنزلية ، من المنجور العربي والافرنجي ، والديكورات الخشبية إلى جانب صناعة الحديد ومنجوره والحديد الصناعي ، تشكيل المعادن ، الخراطة والتسوية ، مع صيانة المحركات الثقيلة والخفيفة ، خراطة محركات كهرباء السيارات ، وصيانة السيارات وبرمجتها بادخال التكنولوجيا الجديدة على الحرف والمهن لكي تواكب مسيرة التطور وتأمين المنتج المطلوب عالمياً .
وبنفس الوقت أشار رئيس الاتحاد إلى إحداث مايسمى بالحواضن الحرفية وهي مكان تأهيل وتدريب وتصنيع وإنتاج وتسويق المنتجات الحرفية وبذات الوقت تسويقها داخلياً وخارجياً من خلال المشاركة بالمعارض .
وفيما يخص هذا الجانب بيَّن الحضوة ان الاتحاد شريك لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في موضوع المعارض فكل المعارض الخارجية تخاطب الحرفيين للمشاركة فيها ، بينما المشاركة دائمة في معرض دمشق الدولي وبمساحة ٣٠٠٠ متر مربع كعرض دائم على مدار العام وليس فقط فترة المعرض ، حيث الورش والمنتجات حاضرة باستمرار .
وعن أهمية وجود أماكن خاصة بتجمع الحرفين أكد الحضوة أهميتها القصوى من ناحية خلق البيئة المناسبة للعمل الحرفي ، عن طريق تأمين مناطق حرفية وصناعية متوافقة مع الروائز البيئية لوزارة الإدارة المحلية ، حيث تم لحظ على المخطط التنظيمي في كل منطقة ومدينة وجود منطقة حرفية او صناعية وقد تم تفعيل القسم الأكبر منها على الجغرافية السورية ، لافتاً انه يوجد حاليا ١٢٢ منطقة حرفية قائمة أو قيد التسليم بتمويل بلغ مايقارب ٢٠ مليار ل.س من قبل وزارة الإدارة المحلية ما ساعد بتقديم الكثير من الإعانات بخصوص البنى التحتيه و إنشاء هذه المناطق الحرفية.
وعن ميزة هذه المناطق بين الحضوة أنها تعطي ديمومة واستقراراً للحرف ، ومايهم الاتحاد هنا هو أن تكون كل أنواع الحرف في أي محافظة أو مدينة ضمن قطاع جغرافي محدد ومخدم بيئياً وتنظيمياً ، أي له مخطط تنظيمي ، مقاسم مكتتب عليها ، ومخدمة بالصرف الصحي ، ومؤمنة بالكهرباء والخدمات الأخرى من هاتف وغيره ، مايعزز طبيعة الاستقرار ويعطي فرصة أكبر للعمل من ناحية توجه المواطنين إلى تلك المناطق التي أمنت فرص عمل إضافية .
وفيما يتعلق برفض البعض الالتحاق بالمنطقة الصناعية بالقابون أوضح رئيس اتحاد أن موضوع القابون تم علاجه عن طريق التنظيم الشمالي لمدينة دمشق ، وبالنسبة للمدخل الجنوبي”قدم ، حوش بلاس والمناطق العشوائية”، فقد تم التوافق برئاسة مجلس الوزراء على تعيين لجان وهذه اللجان قررت إيجاد خمس مناطق حرفية جديدة في محافظة ريف دمشق تكون متكافئة بيئيا وتنظيميا تتناسب مع الهيكلية التنظيمية والعمرانية بدمشق وريفها ، هذه المناطق تم الاكتتاب عليها مع الاتحاد العام للحرفيين على المناطق البديلة أو العشوائية ، وسترى النور في العام ٢٠٢١ والبدء بتنفيذ البنى التحتية لهذه المناطق التي تم اختيارها في مناطق خربة الشياب ، حران العواميد ، الباردة ، ومناطق قريبة واقعة مابين محافظتي دمشق وريفها ، ماينعكس وجود هذه المناطق أثراً ايجابياً وكبيراً جداً في أماكن استقرار وتنمية مستدامة للقطاع الحرفي .
وحول المناطق الصناعية الحرفية بيَّن الحضوة أنها تلقى الدعم الكبير من حيث البنى التحتية في جميع المحافظات من قبل الحكومة ممثلة بوزارة الإدارة المحلية ، وقد تم تقسيط المقاسم على عشر سنوات ومن دون ربحية ، مجرد سعر التكلفة .
وفي مجال ماقدمه الحرفيون خلال سنوات الحرب العدوانية على بلدنا ، ذكر رئيس الاتحاد كيف صمد معظم الحرفيين في مناطقهم يقدمون الخدمات ، رغم تعرضهم للأذى الكبير من قبل العصابات الارهابية المسلحة ، لأن المستهدف أساسا هو الاقتصاد الوطني السوري بكليته.
وأن القطاع الحرفي والصناعي هو أحد أعمدة هذا القطاع والرافد الأكبر للخزينة مع تأمين مستلزمات المواطنيين من كافة السلع الحرفية والصناعية ، والأهم ان القطاع الحرفي يعتبر أحد بدائل إحلال المستوردات ، وبالتالي أي منتج حرفي تقدمه منطقة صناعية هو بديل عن مادة مستوردة.
وأوضح رئيس الاتحاد أهمية عودة المناطق الصناعية والحرفية في حلب وكيف تواجد فيها أصحابها منذ لحظة التحرير في الراموسة القديمة والجديدة ومنطقة المقامات والهلك وبستان الباشا والسليماية وغيرها ، لافتاً أن المارد الصناعي نهض من تحت الرماد وأثبت للعالم أنه موجود وان الاقتصاد الصناعي والحرفي بخير الى حد كبير .
وفي سؤالنا حول أهم الحرف التي تم إعادة تصنيعها بشكل كامل ، نوَّه الحضوة الى تصنيع الجلديات بالكامل من أحذية ، “محافظ وشناتي” رجالية ونسوانية ، سترات مختلفة وأقشطة “زنانير” متنوعة ووصل الإنتاج إلى مرحلة وإمكانية التصدير للدول الإقليمية المحيطة بعدما تم رفد احتياجات القطر بالكامل من هذه السلع التي وصلت إلى أوج الانتاج من قبل الحرفيين .
وفيما يخص بعض الصعوبات التي تواجه عمل الحرفيين أشار رئيس الاتحاد إلى أن ارتفاع سعر المادة الأولية وبشكل مضاعف أثر بشكل كبير على التكاليف ، رغم أن هامش الربح الشخصي للحرفي بقي كما هو ، وبالتالي فإن المنتج الإجمالي أصبح عبئه ثقيلاً على المواطن ، فربما أقل غرفة نوم يصل سعرها اليوم إلى مليون ونصف مليون بعدما كانت تتراوح مابين ٣٠٠و٤٠٠ ألف ل.س ماجعل الطلب يخف على هذه المادة وبالتالي قل العمل بعض الشيء في هذه الحرفة ، لكن وبنفس الوقت فإن الحرفيين يقومون بصناعة كافة مستلزمات شرائح المجتمع من أنواع السلع الحرفية والمهنية كافة ، سواء أكانت خدمية أو إنتاجية ، مؤكداً أن علامة الجودة واحدة لكل مراحل التصنيع وبما يناسب جميع الأذواق والمداخيل .
وحول طريقة التعاطي مع الأسواق الحرفية القديمة والتي نال منها الدمار التخريب . بيَّن رئيس الاتحاد أن الأسواق القديمة لاسيما في حلب والتي دمرت في محيط القلعة “سوق المحمص سوق النحاسين الفوقاني والتحتاني ” تم إعادة تأهيلهم وترميمهم بدعم من الاتحاد العام للحرفيين حيث أعيد افتتاحهم حاليا ، وفي دمشق بقيت الأسواق قائمة وتم إنشاء حاضنة دمر الحرفية وهي عبارة عن مجمع ثقافي وتأهيلي وتربوي حرفي ، يضم ٣٠ حرفة وصالة عرض وصالة مؤتمرات ومراكز ثقافية ، فهو يختصر بامتياز عدة اسواق في مكان واحد وتم تقديم كل الدعم لهذا المعلم .
– السياحة الحرفية
وحول إمكانية جذب السياح الى البلاد ذكر الحضوة أن الاتحاد يعمل حالياً على موضوع السياحة الحرفية بإعطاء موافقات لاستقطاب شرائح من أصحاب السياحة الحرفية في الدول العربية الراغبين في التأهيل والتدريب على أي نوع من أنواع الحرف، تأهيل ، تدريب ، تسويق .
وفيما إذا غابت بعض الحرف عن ساحةالعمل .
يؤكد رئيس الاتحاد بأن العولمه لعبت دوراًكبيراً بهذا المجال ، فعلى سبيل المثال لم تعد صناعة السيوف التي تتميز بها دمشق دارجة ، ولكن يحتفظ بها عن طريق مدربين ومختصين ، وأخذ الحرفيون يعملون على أشياء بديلة ، كالصناعة التجميلية ، السيوف الجمالية التزيينية ، الحفر العميق أي الطلاء بالنحاس والفضة والذي اصبح مكلفاً جداً وبالتالي يصنع بشكل شخصي ، وحسب الطلب ، ويصدر إلى الخارج ، لافتاً أن البديل عن ذلك هو الضغط على النحاس والمشغولات اليدوية النحاسية البسيطة غير المكلفة وذلك مراعاة للقدرة الشرائية عند الناس .. أما من ناحية الحرفيين أنفسهم فهم قادرون على تصنيع كل ألوان المنتجات الحرفية والفنية سواء كان قديماً أو تراثياً أو حديثاً.